
ينظر كمال أوزدمير إلى القمم الشاهقة لجبل جيلو في جنوب شرق تركيا، ويقول واقفًا تحت سماء صافية «قبل 10 سنوات، كانت الأنهر الجليدية تمتد حتى هنا».
ثم يتجه الرجل، الذي عمل مرشدًا جبليًا لمدة 15 عامًا، نحو السيل الجارف الذي يحمل عشرات الكتل الجليدية الرمادية أسفل منحدر مغطى بالعشب والحصى، ويضيف “كما ترون وتسمعون، هناك كتل انفصلت عن النهر الجليدي وانزلقت إلى مجرى النهر (…) وتُظهر قوة تدفقه مدى السرعة التي تذوب بها الكتل الجليدية”.
شوف كمان: سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري ليوم الأحد، 13 أبريل 2025
تُعد الأنهر الجليدية في جبل جيلو التركي، الذي يبلغ ارتفاعه 4135 مترًا ويقع في محافظة هكاري على الحدود العراقية، ثاني أكبر الأنهر الجليدية في البلاد بعد تلك الخاصة بجبل أرارات الذي يصل ارتفاعه إلى 5137 مترًا ويقع على بُعد 250 كيلومترًا شمالًا.
لكن تحت تأثير الاحترار المناخي، بدأت أجزاء جديدة من الجبل كانت مغطاة بالثلوج تظهر تدريجيًا سنة تلو الأخرى، حيث سجلت تركيا، التي تشهد موجات حر وجفاف، حرارة قياسية بلغت 50.5 درجة مئوية في سيلوبي، على بعد 200 كيلومتر من هكاري.
يقول البروفيسور أونور ساتير، المتخصص في نظم المعلومات الجغرافية في جامعة يوزونجو ييل في فان (شرق)، في حديث عبر وكالة “فرانس برس”، إن “الذوبان أسرع من المتوقع. وبحسب أبحاثنا، خسرنا نحو 50% من الغطاء الجليدي والثلجي لجبل جيلو على مدى السنوات الأربعين الماضية”.
لا وسيلة لتغطية الجليد
ويضيف الخبير إن “بعض الأقسام تذوب أسرع من غيرها، مما يؤشر إلى الأجزاء التي تحتاج إلى حماية، لكن ليس لدينا وسيلة لتغطية الجليد”، في وقت تم تغطية عدد كبير من الأنهر الجليدية في جبال الألب بأغطية بيضاء خلال السنوات الأخيرة لمحاولة إبطاء ذوبانها.
وبحسب الأمم المتحدة، لن تصمد الأنهر الجليدية في مناطق عدة من العالم في القرن الحادي والعشرين، مما يُهدد إمدادات المياه لمئات الملايين من الأشخاص، وإذا كانت كتلة الجليد كبيرة، “لن يكون الذوبان سريعًا جدًا، ولكن إذا قُسّمت الكتلة، فستذوب بشكل أسرع”، وفق البروفيسور ساتير.
تُعد المناظر الطبيعية المحيطة بجبل جيلو متعة للمتنزهين، الذين يتوافد عدد كبير منهم إلى الجبل منذ أن هدأت الاشتباكات المسلحة خلال السنوات الأخيرة في المنطقة، حيث تحدى مقاتلو حزب العمال الكردستاني الدولة التركية منذ فترة طويلة.
مواضيع مشابهة: سعر الذهب اليوم الأحد 27 أبريل 2025 لعيار 14 بدون مصنعية بـ3180 جنيه
تُبشّر عملية السلام الجارية مع حزب العمال الكردستاني، الذي تُصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون جماعة إرهابية، بتسريع عجلة السياحة في هذه المنطقة، التي أصبحت متنزهًا وطنيًا عام 2020.
ومع ذلك، يجعل ذوبان الجليد بعض المناطق خطرة، ففي تموز/يوليو 2023، جرفت كتلة انفصلت عن النهر الجليدي اثنين من المتنزهين.
لا ينبغي المشي على الثلج
يقول كمال أوزدمير، الحريص على سلامة المتنزهين والمهتم بحفظ الأنهر الجليدية “لا ينبغي للأشخاص أن يمشوا على الثلج”.
يضيف المرشد السياحي البالغ 38 عامًا والذي وُلد ونشأ في المنطقة “تقع هذه المنطقة على بُعد 40 إلى 50 كيلومترًا من أقرب مدينة، لم تكن هناك طرق في السابق، ولكن منذ إنشائها، يزداد عدد السيارات الوافدة إليها، كما أن ازدياد عدد الزوار يُسرّع ذوبان الجليد”.
من بين عشرات السياح المُنبهرين بالمناظر الطبيعية، يرفض البعض الاعتراف بواقع الاحترار المناخي وتأثيره السريع على البيئة، رغم أنّ ذلك مثبت علميًا، يقول حسن سغلام، وهو طبيب يبلغ 65 عامًا، حضر لرؤية جبل جيلو للمرة الأولى “إنه التطور الطبيعي للعالم”.
ويضيف “عندما نربط ذلك بالتغير المناخي، تحثّنا الدول الصناعية على وقف استخدام الوقود الأحفوري وتطوير صناعتنا”.
يشير تقرير للأمم المتحدة بشأن التصحر العالمي إلى أن 88% من أراضي تركيا مُهددة بهذه الظاهرة، إذ يُتوقَّع أن ينخفض معدل هطول الأمطار بمقدار الثلث بحلول نهاية القرن، بينما من المتوقع أن ترتفع الحرارة بمقدار 5 إلى 6 درجات مئوية مقارنة بالدرجات المتوسطة المسجلة بين عامي 1961 و1990.
aXA6IDJhMTM6YWRjMDo6YWYxOmVhZmY6ZmVmNjoyYjUyIA==.
جزيرة ام اند امز.
NL.
التعليقات