اعترافات صادمة من إسرائيل حول مصائد الموت في غزة التي لم تُعرض على الشاشة

تزامناً مع زيارة ستيف ويتكوف إلى غزة، وهو أول مسؤول أمريكي رفيع المستوى يصل إلى القطاع المدمر منذ بداية الحرب، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن خطته الجديدة لـ«إطعام الناس» في غزة، بينما كشف مسؤول إسرائيلي سابق عن أوضاع مأساوية لم يلحظها المبعوث الأمريكي خلال زيارته التي استمرت خمس ساعات إلى القطاع.

المسؤول العسكري الإسرائيلي السابق، الذي لديه اطلاع على العمليات في غزة، أقر بحدوث «انهيار تام للنظام» نتيجة الحملة العسكرية الإسرائيلية، بينما يعيش المدنيون في قلق دائم، حيث يعتقدون أن كل شاحنة مساعدات قد تكون الأخيرة لهم.

وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن «بدون وقف إطلاق النار، يعاني الناس من ضغط نفسي هائل، حيث يفكرون في أن حمولات الشاحنات قد تنفد قريباً، وهذه فرصتهم الوحيدة للحصول على المساعدات، مما يعرضهم للخطر».

وأضاف في حديثه لصحيفة واشنطن بوست: «عندما تقول إسرائيل إنها ستسمح بدخول المساعدات الآن، فإن هدفها دعاية إعلامية، لكنها بالطبع غير جادة، في ظل ما تكشفه المشاهد الصادمة داخل قطاع غزة».

ما يحدث مع كل قافلة مساعدات

يبدو أن ما حدث يوم الأربعاء مع قافلة مساعدات مكونة من 47 شاحنة داخل قطاع غزة هو تكرار مألوف، فبعد الساعة الخامسة مساءً بقليل، عبرت شاحنات محملة بالأغذية من برنامج الغذاء العالمي نقطة تفتيش إسرائيلية ودخلت منطقة مليئة بالأنقاض شمال غزة، لكنها لم تتجاوز 100 متر من نقطة التفتيش حتى تعرضت للهجوم، وفي غضون ثلاث ساعات تم الاستيلاء على كل المساعدات.

وبحسب تقرير أمني داخلي صادر عن بعثة برنامج الأغذية العالمي، فقد تدفق «مئات الآلاف» من طالبي المساعدة، الذين انتظروا لساعات، إلى الشاحنات، ثم بدأت القوات الإسرائيلية في إطلاق نيران البنادق والمدفعية بشكل عشوائي تجاه الشاحنات، مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 فلسطينياً وإصابة أكثر من 600 شخص في هذه الحادثة، وفقاً لمسؤول في الأمم المتحدة.

ورغم وعود إسرائيل بإنشاء ممرات آمنة لإيصال المساعدات، يؤكد مسؤولون في الأمم المتحدة أن الواقع الميداني لم يتغير، حيث ترفض السلطات الإسرائيلية منحهم الإذن باستخدام طرق أخرى أقل ازدحاماً، فقد أصدرت أوامر تهجير لنحو 80% من أراضي غزة، وصنفت تلك المناطق كمناطق عسكرية مغلقة.

نتيجة لذلك، لا يمكن لقوافل الأمم المتحدة دخول غزة إلا عبر طريقين – أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب – يمران عبر مناطق مكتظة، وفقاً لمسؤولي الأمم المتحدة، ورغم أن السلطات الإسرائيلية وافقت على دخول المزيد من شاحنات المساعدات، فإنه لا يُسمح للقوافل عادةً بالمغادرة إلا في وقت متأخر من اليوم، مما يزيد من احتمالية وقوع عمليات نهب وبالتالي سقوط ضحايا.

طرق خطرة للغاية

يقول بعض العاملين في نقل المساعدات إلى غزة إن القيادة على الطرق المعروفة خطرة للغاية، لدرجة أنهم يضطرون إلى الانحراف بسرعات عالية على طرق مزدحمة وملأى بالحفر، وفي بعض الأحيان، يصدم السائقون على شارع صلاح الدين، الشريان الرئيسي لقطاع غزة، الناس أثناء محاولتهم الانحراف بعيداً عن معترضي قوافل المساعدات.

ويؤكد أحد السائقين أن البعض «يُلقون بأنفسهم أمام الشاحنات، مُعرضين حياتهم للخطر، وقد تدهس شاحنات الإغاثة الناس، مما يؤدي إلى وقوع الحوادث»، مضيفاً أنه من الأسلم سلوك طريق آخر بدلاً من طريق صلاح الدين، لكن البدائل تقع ضمن مناطق الحظر التي تفرضها إسرائيل.

رداً على ذلك، قال المسؤولون الإسرائيليون إنهم لا يستطيعون الموافقة بسهولة على مسارات جديدة في مناطق القتال، كما أن الأمم المتحدة، مستندةً إلى المبادئ الإنسانية التي تحكم الحياد أثناء النزاعات المسلحة، رفضت عروضاً من الجيش الإسرائيلي لحماية قوافلها.

ويؤكد جيريمي كونينديك، رئيس منظمة اللاجئين الدولية والمسؤول الأمريكي المشرف على الجهود الإنسانية خلال إدارات بايدن وأوباما: «ستستمر مشاهد الاعتداء على قوافل المساعدات هذه لفترة حتى تتدفق بمستوى كافٍ ومستمر»، مضيفاً: «هذه نتيجة حتمية لا مفر منها لمستوى الحرمان الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية على غزة من خلال الحصار».

وتؤكد التقارير أن ما يقدر بنحو 100 مليون وجبة تم توزيعها حتى الآن، تعادل أقل من وجبة واحدة يومياً للشخص الواحد في غزة، والعديد من المنتجات تحتاج إلى طهي، مما يتطلب الوقود والمياه، والتي ليست متوفرة بسهولة.

ضمانات خطية إسرائيلية لم تتحقق

كشف مسؤول في الأمم المتحدة أن إسرائيل لم تسمح بإعادة تشغيل مئات المطابخ والمستودعات المجتمعية في مختلف أنحاء غزة، والتي كانت تزودها قوافل الأمم المتحدة بانتظام.

وعلى مدار أشهر، ضغطت الأمم المتحدة على السلطات الإسرائيلية لفتح المزيد من المعابر الحدودية، ومع تفاقم الأزمة، قدمت إسرائيل ضمانات خطية بأنه بحلول نهاية يونيو/ حزيران، سيتم فتح المزيد من المعابر، وسيدخل ما لا يقل عن 100 شاحنة يومياً إلى غزة، ولن توجد أي قوات إسرائيلية على طول طرق القوافل أو مستودعات التوزيع، لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق، وفقاً لمسؤول أممي.

وتكشف مصادر أممية مطلعة أن قرب مواقع الجيش الإسرائيلي من قوافل المساعدات يعني أنه سيطلق النار بشكل متكرر على الحشود، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني، وقد اعترف مسؤول عسكري إسرائيلي سابق بأن الجنود يتلقون تعليمات روتينية بإطلاق النار على أي مسلح يقترب من شاحنات المساعدات.

خطة جديدة

وفي تصريح لوكالة أكسيوس، قال ترامب إنه يعمل على خطة «لإطعام الناس» في غزة، مضيفاً: «نريد مساعدة الناس على العيش. نريد إطعامهم. كان ينبغي أن يحدث هذا منذ زمن طويل»، ورغم قلقه إزاء التقارير التي تتحدث عن المجاعة في غزة، ألقى اللوم على حماس متهمًا إياها بسرقة المساعدات وبيعها، وهو ما تنفيه الحركة.

وأوضحت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت أن ترامب يعتزم الموافقة على خطة مساعدات جديدة لغزة بعد زيارة ويتكوف وإطلاعه على حقيقة الأوضاع، لكن تفاصيل خطة المساعدة التي يعمل عليها ما تزال غير واضحة، وليس من المؤكد ما إذا كانت ستشمل دعمًا أكبر لصندوق التنمية العالمي أو لآليات مساعدة أخرى.

تعرضت إسرائيل لضغوط دولية هائلة بسبب تقييد المساعدات إلى غزة، وتوجيهها فقط في جنوب ووسط القطاع، مما يعني أن الفلسطينيين يضطرون للقيام برحلات خطرة للحصول على الغذاء، لكن الأغرب أنه بعد ساعات من زيارة ويتكوف، أفاد مسعفون فلسطينيون بأن القوات الإسرائيلية قتلت ثلاثة فلسطينيين قرب أحد مراكز المساعدات على الطرف الجنوبي لقطاع غزة، وقد يكون هو نفس الموقع الذي زاره مبعوث ترامب.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *