توقعات أسعار الذهب في أغسطس 2025.. ماذا ينتظر السوق العالمي؟

في خضم عالم مليء بالاضطرابات الاقتصادية والسياسية، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا تجاوز 40% مقارنة بصيف العام الماضي، حيث قفزت من حوالي 2409 دولارات للأونصة إلى أكثر من 3300 دولار في الوقت الحالي، جاء هذا الارتفاع نتيجة لموجة استثمارية تبحث عن الأمان وسط تقلبات الاقتصاد العالمي، مما منح المعدن النفيس فرصة استثنائية للمستثمرين الذين يسعون لتحقيق الربح من أصول تقليدية تُعرف بقدرتها على الحفاظ على القيمة أكثر من تحقيق العائد.

مع بداية أغسطس، يترقب المستثمرون مستقبل الذهب، وسط تساؤلات حول ما إذا كان المعدن سيواصل ارتفاعه أو سيدخل في مرحلة استقرار مؤقتة، فرغم صعوبة التنبؤ بدقة بأسعار الذهب، تشير معظم التقديرات إلى أنه سيظل قريبًا من مستوياته الحالية، خاصةً في ظل استقرار سياسات الفائدة الأمريكية على المدى القصير.

من المتوقع أن يحافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على معدلات الفائدة دون تغيير حتى اجتماع سبتمبر، وهو ما قد يُبقي أسعار الذهب ضمن نطاقها الحالي، وفقًا لتقديرات «بنك أوف أميركا»، الذي أشار إلى أن خفض الفائدة يعزز الاستثمار في الذهب، بينما تؤثر الزيادات المستمرة سلبًا على جاذبيته، مما يعني أن الذهب يحتفظ بجاذبيته كأصل بديل، دون وجود مؤشرات على ارتفاع كبير أو تراجع ملحوظ، في ظل استقرار معدلات الفائدة.

وفقًا لشبكة «cbsnews» الأمريكية، يُتوقع أن تصدر بيانات التضخم الجديدة في 12 أغسطس، وسط ترقب شديد بين المستثمرين، حيث يبلغ معدل التضخم الحالي 2.7%، وهو قريب من الهدف الذي حدده الفيدرالي بنسبة 2%، وتشير التوقعات إلى أن أي ارتفاع مفاجئ في القراءة المقبلة قد يُحفّز ارتفاع الأسعار، بينما يُتوقع أن يكون التأثير محدودًا في حال الاستقرار أو الانخفاض الطفيف.

رغم الأداء القوي لأسواق الأسهم في الأشهر الماضية، فإن التوترات الاقتصادية العالمية والتضخم لا تزال تحفز الطلب على تنويع المحافظ الاستثمارية عبر الذهب، لذا يبقى الذهب خيارًا مفضلًا للمستثمرين الذين يسعون للحماية من التقلبات المستقبلية، خاصةً في ظل التوقعات باستمرار ضبابية الأسواق في الأشهر القادمة.

طبقًا لأحدث تقارير مجلس الذهب العالمي، ارتفع إجمالي الطلب على الذهب خلال الربع الثاني من العام بنسبة 3% على أساس سنوي ليصل إلى 1249 طنًا، لكن اللافت هو أن القيمة السوقية لهذا الطلب زادت بنسبة 45% لتصل إلى 132 مليار دولار، مدفوعةً بارتفاع الأسعار وزيادة شهية المستثمرين.

شهدت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب تدفقات قوية للربع الثاني على التوالي، مدعومةً بارتفاع الأسعار وغياب الثقة في الأوضاع الجيوسياسية، كما سجل مستثمرو العملات الذهبية نشاطًا غير مسبوق منذ 2013، مما يشير إلى عودة الثقة بالذهب كأصل وملاذ آمن.

استمرت البنوك المركزية في شراء الذهب خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث أضافت 166 طنًا إلى احتياطياتها، ورغم تباطؤ وتيرة الشراء، فإنها لا تزال أعلى بكثير من المتوسط التاريخي خلال العقد الماضي، مدفوعة بالمخاوف من تقلبات العملات والسياسات العالمية.

كما سجلت مبيعات المجوهرات الذهبية تراجعًا من حيث الكميات لتقترب من مستويات جائحة كورونا 2020، لكن الإنفاق الإجمالي ارتفع مع ارتفاع الأسعار، وزاد إقبال المستهلكين في بعض الأسواق مثل الهند على استبدال المجوهرات القديمة أو رهنها، مع ارتفاع قيمتها السوقية.

لا يزال الطلب التكنولوجي على الذهب صامدًا في وجه التحديات التي فرضتها الرسوم الجمركية الأمريكية على المعادن، مدفوعًا بتوسع استخداماته في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية المتقدمة.

بلغ متوسط سعر الذهب ربع السنوي في يونيو الماضي نحو 3280 دولارًا للأونصة، وهو رقم قياسي جديد بزيادة سنوية تبلغ 40% وربع سنوية تبلغ 15%، ومع ارتفاع المعروض العالمي بنسبة 3%، سجل إنتاج المناجم رقمًا قياسيًا بلغ 909 أطنان، رغم ضعف نشاط إعادة التدوير رغم الأسعار العالية.

في مؤشر لافت على تحول موازين الاحتياطيات العالمية، أعلن البنك المركزي الأوروبي أن الذهب أصبح ثاني أهم أصل احتياطي للبنوك المركزية متفوقًا على اليورو، ما يعكس تراجع الثقة في العملات الورقية لصالح الأصول الحقيقية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *