«كيف يُنعش التفويج السياحي المزارات الأثرية ويحوّل المنتجعات إلى وجهات ثقافية في القاهرة والأقصر»

لم تعد مدن البحر الأحمر السياحية مجرد وجهة للراحة والاستجمام تحت أشعة الشمس وعلى رمال الشواطئ الذهبية، بل تحولت إلى مراكز ديناميكية لإعادة تصدير الحركة السياحية من المنتجعات الساحلية إلى قلب الحضارة المصرية في الأقصر والقاهرة، ليصبح البحر الأحمر، الذي لطالما جذب الزوار للغوص في أعماق الشعاب المرجانية، اليوم البوابة التي يمر السائحون منها لاكتشاف أعماق التاريخ في الأقصر والقاهرة ومناطق أثرية أخرى، وتشير تقديرات غرفة شركات السياحة إلى أن ما بين ٣ إلى ٥ آلاف سائح يشاركون في هذه الرحلات يوميًا، مما يضخ حركة شرائية واقتصادية جديدة في قلب الصعيد والقاهرة.

في ساعات الفجر الأولى، تبدأ قوافل الحافلات السياحية رحلتها من المنتجعات الفاخرة نحو آثار الأقصر أو معالم القاهرة القديمة، السائحون الألمان والروس والبريطانيون هم الأكثر إقبالًا، يصحبهم مرشدون محترفون يروون قصص الفراعنة وأسرار المعابد والبرديات، بينما تتكفل الأجهزة الأمنية بتنظيم طرق التحرك، مما يضمن انسيابية الرحلات وسلامة المشاركين.

حسب أقوال سيد الجابري، الخبير السياحي ورئيس غرفة شركات السياحة بالبحر الأحمر، فإن رحلات التفويج السياحي تشمل زيارة معابد الكرنك والأقصر، ووادي الملوك ومعبد حتشبسوت في البر الغربي، بينما تكون وجهة الرحلات في القاهرة نحو الأهرامات وأبو الهول والمتحف المصري بالتحرير، مرورًا بمتحف الحضارة ومناطق وسط البلد التاريخية، وأضاف الجابري أن «التفويج السياحي» اليومي من الغردقة وسفاجا ومرسى علم والقصير إلى الأقصر والقاهرة يحقق انتعاشة غير مسبوقة، مع انطلاق نحو ٢٠٠ إلى ٣٠٠ حافلة يوميًا تقل آلاف السائحين، مما يعكس تغيرًا نوعيًا في خريطة السياحة المصرية.

محمد سالم، مدير التسويق بإحدى كبرى شركات السياحة الألمانية بالغردقة، أكد أن هذه الرحلات أصبحت مطلبًا ثابتًا في البرامج الأوروبية، مضيفًا: «السائح الأوروبي لم يعد يكتفي بالشاطئ، بل يبحث عن تجربة تجمع المتعة والثقافة، وهنا تتفوق مصر على الجميع»

بدوي عبد الكريم، أحد المرشدين السياحيين، أوضح أن «التفويج» اليومي أصبح أحد أنجح الأدوات السياحية لربط سلاسل السياحة بين البحر الأحمر ووادي النيل، مشيرًا إلى أن تنظيم العملية يجري وفق خطة أمنية ولوجستية دقيقة، تبدأ من لحظة التجميع حتى العودة ليلًا، وأن هذا النوع من الربط بين السياحة الشاطئية والثقافية يُعد نموذجًا للتكامل المطلوب، ويحقق عوائد اقتصادية مزدوجة، فهو لا ينعش فقط حركة الفنادق والشركات، بل يساهم في دعم الحرف اليدوية والأسواق التراثية والمطاعم والبازارات في المناطق الأثرية، كما تُجرى مشاورات بين شركات السياحة والجهات الحكومية لتطوير منظومة التفويج، من خلال زيادة نقاط الراحة على الطرق، وإدخال وسائط نقل أكثر رفاهية، وتوفير مرشدين ناطقين باللغات الشرقية واللاتينية، لضمان استدامة هذا التوجه كواحد من أبرز أنماط السياحة الحديثة في مصر.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *