وزير الخارجية يؤكد التزام مصر بدورها الداعم لأشقائها دون تهاون أو تراجع

أكد الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، أن من يتحدث عن تهميش الدور المصري هو شخص غير مدرك، ولا يفهم الأبعاد «الجيو- ستراتيجية» التي تحكم هذه المنطقة.

وأشار وزير الخارجية، في تصريحات صحفية، ردًا على سؤال حول محاولات بعض الأطراف الخارجية لتحييد واستهداف الدور المصري في القضايا الإقليمية والدولية، وخاصة القضية الفلسطينية، إلى أن الدور المصري واضح للجميع، وأن مصر تعتبر ركيزة الاستقرار في المنطقة لأسباب متعددة، سواء كانت تاريخية أو جغرافية أو ديموغرافية، بالإضافة إلى القيادة الحكيمة التي يمثلها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وأوضح أنه لا يمكن لأحد تجاهل هذه الاعتبارات الموضوعية، مشددًا على أن من يتحدث عن تهميش الدور المصري هو في حالة من الوهم ولا يدرك الحقائق الجيو- ستراتيجية للمنطقة.

وأكد وزير الخارجية، أن مصر لن تتوانى في القيام بمسؤولياتها، قائلًا: «قيام مصر بهذه المسؤولية ليس مجرد كلام، بل هو دور إقليمي نؤديه، وليس من أجل التفاخر، بل هو واجب علينا لأن أمننا واستقرارنا مرتبطان بأمن واستقرار المنطقة».

وأضاف وزير الخارجية، أنه لا يمكن تحقيق التنمية المبتغاة بدون استقرار في المنطقة، مشيرًا إلى مسؤوليتنا تجاه أشقائنا الفلسطينيين والسودانيين والليبيين والسوريين واليمنيين، وكذلك تجاه أشقائنا في القارة الإفريقية، فهذا واجب علينا.

وشدد على أنه إذا تقاعسنا عن القيام بهذا الدور، فسيكون علينا التحرك، لأننا لا نملك ترف الاختيار.

وأكد «عبدالعاطي»، أن مصر ستستمر في تحمل هذا الدور باقتدار، ونحن نعتز به، وسنواصل العمل بما يحقق المصالح الوطنية المصرية والقومية العربية، وأيضًا المصالح الإنسانية في الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة.

وفيما يتعلق بالاتهامات الموجهة لمصر، قال وزير الخارجية خلال لقائه مع المحررين الدبلوماسيين على هامش مؤتمر المصريين بالخارج، إن هناك فئتين، فئة قد تكون لديها حسن نية ولكنها تتعرض للتضليل.

وشدد على أن معبر رفح يعمل ليلاً ونهارًا من الجانب المصري، لكن الجانب الفلسطيني من المعبر محتل وقد تم تدميره من قبل الجانب الإسرائيلي، معربًا عن استغرابه لوجود خمسة معابر داخل إسرائيل تربط غزة، متسائلًا لماذا لا يتظاهر من يتظاهرون في تل أبيب ضد قوة الاحتلال.

وأضاف وزير الخارجية، أن الفئة الأخرى لديها نوايا سلبية تجاه الدولة المصرية، وترتبط بالجماعات الإخوانية المتطرفة، وتستغل معاناة الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن هاتين الفئتين تخدمان المصلحة الإسرائيلية بتخفيف الضغط عنها باعتبارها القوة المحتلة المسؤولة عن الوضع الكارثي في قطاع غزة.

وأكد وزير الخارجية، أن العلاقات مع جميع الأطراف متميزة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، حيث تربطنا شراكة استراتيجية، مشيرًا إلى أهمية البعد العسكري، حيث يتم الاستجابة لكافة الصفقات، لأن التحديات التي نواجهها غير مسبوقة، والكل يدرك ذلك.

وقال: «لم نشهد في التاريخ القديم أو الحديث أو المعاصر تحديات مشابهة».

وأوضح وزير الخارجية، أن الجانب الأمريكي يدرك أن مصر هي طرف إقليمي فاعل، وهي أساس الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى اللقاءات التي عقدها مع مراكز الأبحاث الأمريكية خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة.

وتابع: «علاقاتنا مع الجميع متميزة، حيث يؤكد الرئيس على التوازن الاستراتيجي، ونحن نتفاعل مع الجميع، ولا نتبع أي تحالفات، بل نحن منفتحون على الجميع، رغم الأزمات الكثيرة والتعقيدات الحالية، والنظام الإقليمي والعالمي لم يستقر بعد، ولكن الأهم هو أن الجبهة الداخلية قوية، وهناك قيادة حكيمة ومؤسسات قوية ووعي من الشعب، وهذا يعد صمام أمان، حيث لا يمكن إدارة سياسة خارجية في ظل تحديات كهذه إلا بالوقوف على أرضية داخلية صلبة».

وأكد: «نحن نبادر الآن، ولن ننتظر أن يطرح علينا أي أحد أفكارًا مفروضة لإعادة هندسة المنطقة، فنحن نقود ونطرح أفكارًا بالتعاون مع الأشقاء العرب، وهذا هو أحد المحاور الأساسية، حيث نتحرك في الإطار العربي لنضع رؤية شاملة لنظام أمني إقليمي، مع التركيز على الرؤية العربية، ومن ثم نتجه إلى رؤية إقليمية من خلال التنسيق مع أطراف فاعلة مثل تركيا، وهو ما نعمل عليه ونفكر فيه، ونحن الطرف المعني والفاعل مع أشقائنا العرب، وعلينا المسؤولية لتشكيل الخريطة الأمنية في المنطقة، كما نعمل مع الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر لوضع رؤيتنا بشأن حوكمة البحر الأحمر، خاصة وأننا الطرف الأكثر تضررًا من الأوضاع الأمنية هناك.

وردًا على سؤال حول ما يتردد عن إنشاء شرق أوسط جديد، يعاد رسمه، ودور مصر في هذا الإطار، قال وزير الخارجية، إن مصر تقود عملاً إقليميًا مشتركًا لوضع رؤية مصرية عربية إقليمية، لنظام أمني إقليمي يكون للعرب فيه صوت مسموع، فنحن طرف فاعل ولن نقبل تحت أي ظرف أن تُفرض علينا أفكار أو رؤى تتعلق بمستقبل الأمن في هذه المنطقة، فنحن المعنيون ونتعاون مع الأطراف العربية والإقليمية والدولية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، ونعكف على وضع رؤية شاملة ضمن إطار الجامعة العربية لتعميق وتحسين العمل العربي المشترك.

وحول الجهود المصرية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قال: «للأسف كلما نقترب ونصل إلى نقطة تلاقي، نجد طرفًا يتراجع، ويفرض أفكارًا ومتطلبات جديدة، ولكن ستستمر مصر في جهودها حتى تتمكن من الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإنهاء هذه الحرب البشعة ضد شعب مدني أعزل، فقد فقد أكثر من 60 ألف فلسطيني حياتهم، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى، وبالتالي آن الأوان على المجتمع الدولي أن يتحرك ويفرض أقصى درجات الضغط على الجانب الإسرائيلي، حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ومن ثم يمكننا الحديث عن المرحلة التالية، ولدينا أفكار ومبادرات محددة تتعلق بالترتيبات الأمنية في قطاع غزة، وحوكمة القطاع، ومن سيدير القطاع، وهذه الأفكار واضحة وتحظى بدعم إقليمي ودولي، وسيتم اعتمادها في مؤتمر القاهرة الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، ولن يكون المؤتمر مجرد تجمع لجمع التبرعات، بل سيكون هناك أيضًا إجابات عن أسئلة مهمة تتعلق بالترتيبات الأمنية، وهناك تدريبات تتم حاليًا لعناصر من الشرطة الفلسطينية، ومن غير المستبعد مستقبلًا، إذا كان هناك أفق سياسي واضح، ضمن إطار زمني وخريطة طريق تقود إلى الدولة الفلسطينية، أن نوافق على نشر قوات دولية في القطاع لتوفير الأمن للفلسطينيين ولكل دول المنطقة، وتمكين الشعب الفلسطيني من تجسيد دولته المستقلة.

وردًا على سؤال حول التواصل المصري الأمريكي بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، أكد أن التواصل مستمر بين مصر والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن واشنطن شريك لنا في التوصل لصفقة وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لا ننسى في هذا الصدد أن الاتفاق السابق لوقف إطلاق النار في غزة الذي تم التوصل إليه في 19 يناير الماضي، كان بدعم وجهد متميز من الإدارة الأمريكية حتى قبل تولي إدارة الرئيس ترامب، والولايات المتحدة شريك لنا».

وأشار وزير الخارجية، إلى أن التواصل مع المبعوث الأمريكي ويتكوف مستمر قبل وبعد وصوله إلى غزة وإسرائيل، والحوار معه ممتد.

وأكد «عبدالعاطي»، أن الهدف الأساسي هو التوصل إلى وقف إطلاق النار والنفاذ الكامل للمساعدات، مشيرًا إلى أن الأمر المهم هو أنه لأول مرة هناك فصل بين وقف إطلاق النار والمفاوضات والوضع الإنساني، بمعنى أنه ليس بالضرورة الانتظار حتى يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لتحسين الوضع الإنساني، وهذا أمر مهم جدًا، وسنستمر في الضغط للوصول إلى وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات.

وأكد الدكتور بدر عبدالعاطي، أن مصر تضع على رأس أولوياتها القارة الإفريقية، وهناك الآن مقاربة شاملة في التعامل مع القارة وفقًا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية.

وقال في رده على سؤال حول الزخم الذي تشهده العلاقات المصرية الإفريقية حاليًا، إن القضية المائية والمصالح المائية المصرية لم تعد الزاوية الوحيدة التي ننظر من خلالها للقارة الإفريقية، رغم أنها على رأس الأولويات، لكن المقاربة الآن شاملة، حيث أن المقترب الاقتصادي هو الأساس في التعامل مع القارة الإفريقية، من خلال تطوير شراكات مع دول القارة لفتح أسواق أكثر للمنتج المصري، وكذلك لتوطين الصناعة في هذه الدول، خاصة في الصناعات الدوائية وغيرها.

وأضاف: «وثالثًا، نحن موجودون أكثر على الأرض من خلال الاستثمارات الحكومية والخاصة في القارة الإفريقية».

وتابع وزير الخارجية: «مرة أخرى نؤكد أن مستقبل الاقتصاد المصري والنمو هو في القارة الإفريقية، وهذا ليس مجرد شعار، بل هو واقع على الأرض».

وأكد الدكتور بدر عبدالعاطي، أن وزارة الخارجية تبذل كل جهد ممكن لتكثيف التواجد المصري في القارة الإفريقية، مشيرًا إلى أن الجولات مستمرة بتوجيهات من فخامة الرئيس، والتي يشارك فيها مجموعات كبيرة من الشركات ورجال الأعمال المصريين.

وأوضح وزير الخارجية أنه خلال تلك الجولات، يكون الطرح الرئيسي هو تحقيق مبدأ المكاسب للجميع وليس مجرد فتح الأسواق فقط.

وأشار وزير الخارجية إلى الجولة الأخيرة الهامة التي قام بها في عدد من دول غرب إفريقيا بتعليمات من السيد الرئيس، لافتًا إلى مشاركة 30 شركة مصرية بالإضافة إلى الجهات الحكومية مثل وزارة الإسكان ووزارة البترول والموارد المعدنية ووزارة الصناعة والهيئة الاقتصادية لقناة السويس.

وذكر الوزير، أن الجولة شملت زيارة ست دول في خمسة أيام، مؤكدًا أن هذا يعكس اهتمام مصر بالقارة الإفريقية، وخاصة منطقتي الغرب والوسط، وهذه منطقة تحظى بأولوية، كما أن منطقة القرن الإفريقي ودول حوض النيل مهمة جدًا لاعتبارات متعددة، ولكن منطقة الوسط والغرب أيضًا لها أهميتها.

ونوه الدكتور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية إلى بعض المبادرات الهامة مثل الممر التنموي العظيم الذي يبدأ من سفاجا لأم جرس في شمال شرق تشاد وينتهي إلى الموانئ على المحيط الأطلنطي سواء في الكاميرون أو غانا أو غينيا الاستوائية.

وقال: «هذا أمر مهم جدًا نتحرك فيه ولدينا أربعة قطاعات ذات أولوية، وأستطيع أن أقول بكل موضوعية أن مصر في هذه القطاعات لديها قيمة مضافة، ونحن أكبر طرف منافس الآن في القارة الإفريقية، خاصة في قطاعات البنية التحتية والإنشاءات والطاقة، وخاصة الطاقة الجديدة والمتجددة، وكذلك قطاع الصناعات الدوائية الذي يعتبر من أهم القطاعات جنبًا إلى جنب مع البنية التحتية».

وأشار إلى أن الدواء المصري له سمعة عظيمة في القارة.

واختتم: «بالتالي هناك مقاربة شاملة، وهذه المقاربة لا تقوم فقط على استفادة مصر، بل أيضًا على استفادة الطرف الآخر، مضيفًا: لدينا سياسة توطين الصناعة في القارة الإفريقية، ومشروع سد جوليوس نيريري في تنزانيا يعد من أعظم المشروعات التي تم تنفيذها خارج الأراضي المصرية، ونحن نتباهي به، إذ فتح المجال أمام الشركات المصرية للتوسع في القارة، وأصبحت الشركات المصرية معروفة بالاسم، وهذا أمر جيد وسنستمر فيه».

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *