الحكومة اللبنانية تتخذ قرارًا حاسمًا بشأن مصير سلاح حزب الله وسط أجواء من الترقب والحذر الشديد

تسود أجواء من الترقب والحذر في الأوساط السياسية بلبنان، حيث ينتظر الجميع ما ستسفر عنه جلسة الحكومة المقررة اليوم الثلاثاء، التي من المتوقع أن تتناول مصير سلاح حزب الله في ظل الضغوط الدولية، ويؤكد رئيس الجمهورية جوزيف عون على ضرورة وجود «دولة ذات سلاح واحد»، مما يعكس التزامه بعدم السماح لأي جهة غير رسمية بامتلاك السلاح، مع الحفاظ على هذا الحق للجيش اللبناني والقوى الأمنية في إطار السيادة الوطنية.

وأشار محللون إلى أن هناك غموضًا يكتنف المسار الذي سيتبعه اجتماع الحكومة، مع استمرار الاتصالات المكثفة للتوصل إلى توافق حول جدول الأعمال، كما أن موقف وزراء حزب الله وحركة أمل من حضور الاجتماع لا يزال غير واضح، مما قد يؤدي إلى قرار حاسم بشأن تسليم سلاح حزب الله، بالإضافة إلى موقف قائد الجيش ردولف هيكل، الذي سيكون مسؤولًا عن تنفيذ قرار الحكومة إذا تم اتخاذه.

ورجّح المحللون أن توافق الحكومة على بند «حصر السلاح بيد الدولة»، وتفويض المجلس الأعلى للدفاع للقيام بالإجراءات التنفيذية اللازمة.

وتتزايد المخاوف من تكرار سيناريو 7 مايو 2008، في حال صدور قرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية، حيث شهدت بيروت وقتها اجتياحًا من عناصر حزب الله بأسلحتهم، مما أدى إلى حالة من الانفلات الأمني.

وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون قد أكد في خطابه الأخير بمناسبة عيد الجيش، الذي وصف بـ «خطاب المصارحة والمكاشفة»، على ضرورة خروج لبنان من النفق المظلم، مشددًا على أهمية معالجة الإشكاليات التي تتطلب حلولًا عاجلة لاستعادة الأمن والاستقرار.

ورأى مراقبون أن كلمة الرئيس اللبناني الأخيرة تُعتبر من أهم خطاباته منذ توليه المنصب، حيث تمثل بداية التغيير في لبنان، خاصةً أنه تناول مجموعة من القضايا التي تعاني منها البلاد، مشددًا على دوره في ممارسة صلاحياته بشكل كامل، وكقائد أعلى للقوات المسلحة، وكشف عن المذكرة الاستراتيجية التي قدمتها بيروت إلى واشنطن، داعيًا إلى تحمل الأحزاب لمسؤولياتها وأن تكون مرجعيتها الدولة، مع تأكيده على احترام الدستور الذي يمنح رئيس الجمهورية الحق بالتفاوض بالتعاون مع رئيس مجلس الوزراء وعرض المذكرة على مجلس الوزراء.

وتضمنت المذكرة البنود التالية: وقف الاعتداءات الإسرائيلية، انسحاب كامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، تسليم سلاح حزب الله إلى الجيش اللبناني، ودعم سنوي بمليار دولار من الدول الصديقة لتعزيز قدرات الجيش، بالإضافة إلى ترسيم الحدود البرية مع سوريا بمساعدة أمريكية وفرنسية وسعودية، ومكافحة التهريب والمخدرات عبر الحدود.

وأكد الرئيس جوزيف خلال خطابه على أهمية جمع السلاح لصالح الجيش وإتلاف ما لا يمكن استخدامه، مع التأكيد على أولوية تأمين الدعم للجيش وقوى الأمن، والمطالبة بمليار دولار سنويًا ولمدة عشر سنوات، مشددًا على ثوابت الرئيس وحرصه على احترام الدستور وخطاب القسم، مؤكدًا على أهمية التمسك بمبدأ وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل الكامل، وضرورة معالجة موضوع النازحين وترسيم الحدود مع سوريا برًا وبحرًا تحت إشراف أمريكي فرنسي سعودي يضمن عدم حدوث تعديات حدودية.

وحمل الرئيس اللبناني الأحزاب والأطراف السياسية والدينية مسؤولية أي استفزاز، مطالبًا منها التعامل بوعي مع ما أسماه «بيئة حزب الله»، والاعتراف بهواجسهم وضمان مساواة دورهم بأدوار الجميع، مما يساعد في منع إسرائيل من شنّ هجوم ضد الدولة اللبنانية بحجة عدم حسم الدولة لأمرها، وضرورة إعادة ثقة المجتمع الدولي والعربي في دعم لبنان، مع التأكيد على التزامه بقسميه وعدم التراجع عن ذلك.

وأعلن الرئيس اللبناني خلال الخطاب عن مضمون المذكرة الأمريكية وموعد طرحها على مجلس الوزراء، وتوقيعه مرسوم التشكيلات القضائية، والتصويت على قانون استقلالية القضاء.

وأشار إلى أهمية الدفاع عن سياسة الحكومة، مشيدًا بالوزراء وتحميلهم مسؤولية العمل بصمت، مع التأكيد على دور القضاء والإشارة إلى النقلة النوعية التي شهدها في مكافحة الفساد وإسقاط الحصانات دون كيدية، مع التركيز على الإصلاحات في قضية المودعين والإصلاح الإداري، وأولوية الإعمار وتأمين ظروف تمويله.

وأكد الرئيس اللبناني على ثقته التامة بالجيش وقيادته والقوى الأمنية لضبط الأمن، وعدم التهاون مع الإرهاب، وعلى دور الرئيس في تعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي والعربي، وإعادة فتح السفارات وتعيين السفراء وعودة السياح.

وشدد على أهمية تفعيل دور البلديات، وأهمية إقرار اقتراح قانون اللامركزية الإدارية، وضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وحق المغتربين في الاقتراع، مشيرًا إلى دور كل من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية في دعم لبنان لاستعادة دوره وعافيته.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *