
شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا تغيرات جذرية في السنوات الأخيرة، خصوصًا خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الثانية، فعلى الرغم من أن العلاقة بين ترامب وبوتين بدأت بانسجام نسبي ومحاولات لإعادة بناء العلاقات الثنائية، تشير التطورات الحالية إلى أن هذا التقارب قد يواجه تحديات كبيرة قد تؤدي إلى انهياره.
وفي هذا السياق، شبهت صحيفة روسية معروفة الوضع القائم بصورة «القاطرات» لتوضيح حجم التصادم المحتمل بين الطرفين، وسط تعقيدات متزايدة في ملف أوكرانيا، بالإضافة إلى الضغوط الأمريكية والمواقف الروسية المتصلبة.
مواضيع مشابهة: ترامب يطالب جامعة كاليفورنيا بدفع غرامة مليار دولار بسبب فلسطين
قاطرات تسير بسرعة ولا أحد يفرمل
أفادت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية بأن الاصطدام بين موسكو وواشنطن أصبح وشيكًا، حيث تم تشبيه الوضع بقاطرتين، واحدة تمثل دونالد ترامب والأخرى فلاديمير بوتين، تتجهان بسرعة نحو بعضهما البعض، دون أي مؤشر على استعداد أي منهما للتوقف أو التراجع.
وأضافت الصحيفة أن «قاطرة بوتين» تسير بقوة، مدفوعة بما يعرف بـ«العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا، حيث لا توجد أي مؤشرات على رغبة روسيا في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وفي المقابل، يواصل ترامب الضغط على موسكو من خلال التهديدات بالعقوبات، وفرض رسوم جمركية على حلفاء روسيا الاقتصاديين مثل الصين والهند، بل إنه أعاد نشر غواصتين نوويتين أمريكيتين قرب السواحل الروسية في تصعيد واضح.
على الرغم من ذلك، لا تزال هناك إشارات على إمكانية التوصل إلى تسوية، حيث من المقرر أن يزور مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف، موسكو هذا الأسبوع، مما قد يفتح الباب أمام إمكانية الاتفاق بين القوتين الكبيرتين، رغم التوترات الظاهرة، وفقًا لـ«موسكوفسكي كومسوموليتس».
بداية دافئة بعد عودة ترامب
بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، بدت العلاقات الأمريكية الروسية وكأنها تشهد بداية جديدة، ففي فبراير الماضي، وقفت واشنطن إلى جانب موسكو في الأمم المتحدة ضد قرار أوروبي يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا.
كما تحدث الرئيسان ترامب وبوتين هاتفيًا حول تنظيم زيارات متبادلة، وأبدت إدارة ترامب تراجعًا عن دعم كييف، مع تصعيد الانتقادات الموجهة إلى الحلفاء التقليديين في الناتو.
في روسيا، استُقبلت هذه التغيرات بترحيب واضح، حيث وصفها محللون «ترامبيون» بأنها تمثل «مخربين للنظام الغربي»، وأشادوا بتفكك وحدة الغرب تحت قيادة ترامب.
أصبح «يتكوف» مبعوث ترامب زائرًا دائمًا لموسكو، حيث التقى بوتين عدة مرات خلال شهرين، وكانت الهدايا الرمزية، مثل صورة لترامب من بوتين، دليلاً على دفء العلاقات الشخصية بين الزعيمين، ومع ذلك، طالب ترامب بوتين بوقف شامل وغير مشروط للحرب، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
مواضيع مشابهة: مستوطنون يطالبون بإقالة سموتريتش ويقاطعون كلمته لتحقيق صفقة تبادل
كما أن الرئيس ترامب لم يكن يتطلع إلى مجرد لوحة من موسكو، بل أراد من الرئيس بوتين أن يوقع على وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط في أوكرانيا.
إحباط ترامب
مع تصاعد الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية، بدأ إحباط ترامب يتزايد، حيث وصف أفعال روسيا بأنها «مشينة»، وأمهل بوتين 50 يومًا لوقف الحرب، ثم قلص المهلة إلى 10 أيام، تنتهي بنهاية الأسبوع الحالي، ومع ذلك، لا تلوح في الأفق أي بوادر لتراجع الكرملين.
تشير بعض التحليلات، لا سيما من أستاذة الشؤون الدولية في جامعة نيو سكول في مدينة نيويورك، نينا خروشوفا، إلى أن بوتين لا يأخذ مهل ترامب على محمل الجد، ويجد في الحرب وسيلة لإثبات قوة روسيا أمام الغرب، وتحقيق أحلام القياصرة والأمناء العامين السوفييت.
الاتفاق ممكن
رغم كل ذلك، لا يزال ترامب يعتبر نفسه «صانع صفقات»، ويبدو أنه لم يفقد الأمل بعد، حيث من المتوقع أن يعود ويتكوف إلى موسكو هذا الأسبوع حاملًا عرضًا جديدًا، قد يكون أكثر ميلًا للترغيب من الترهيب، وسط تكهنات بأن إدارة ترامب قد تقترح مزايا اقتصادية لروسيا في حال التوصل لاتفاق.
ورغم أن بوتين لم يُبد حتى الآن أي استعداد للتنازل عن مطالبه بخصوص أوكرانيا، من الأراضي إلى وضع الحياد إلى حجم الجيش الأوكراني، فإن الباب لا يزال مواربًا أمام إمكانية السلام.
واختتمت الصحيفة الروسية تقريرها بالقول: «في نهاية المطاف، ترامب يريد اتفاقًا، وبوتين لا يزال يسعى إلى النصر».
التعليقات