لبنان ينتظر ما بعد قرار نزع سلاح حزب الله.. استكشف السيناريوهات المحتملة للمستقبل

بيروت ـ أ ف ب .

يعتبر قرار الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش بوضع خطة لنزع سلاح حزب الله خطوة غير مسبوقة منذ عقود، ولكن هل ستجد هذه الخطة طريقها إلى التنفيذ، وما هي خيارات حزب الله وما هي التداعيات المحتملة لذلك؟

– ما أهمية القرار الحكومي؟

للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية (1975-1990) ونزع سلاح الميليشيات التي شاركت فيها، تُصدر الحكومة قراراً يتناول نزع سلاح حزب الله، الفصيل الوحيد الذي احتفظ بسلاحه في تلك الفترة.

هذا القرار ينزع الشرعية السياسية عن سلاح حزب الله التي كرستها الحكومات السابقة في بياناتها الوزارية عبر ما عُرف بثلاثية «جيش وشعب ومقاومة»، في وقت كان الحزب القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذاً في البلاد.

لكن الوضع قد تغير مع تشكيل السلطة الحالية، حيث خرج الحزب ضعيفاً من حربه الأخيرة مع إسرائيل العام الماضي.

محاولات سابقة لطرح مصير سلاح حزب الله أو بنيته التحتية واللوجستية المستقلة عن الدولة أدت إلى أزمات سياسية وفوضى أمنية، مثلما حدث في عام 2008 عندما قررت الحكومة وقف شبكة اتصالات الحزب السلكية، مما أدى إلى اجتياح حزب الله لبيروت ووقوع مواجهات أودت بحياة أكثر من 65 شخصاً.

ظل سلاح الحزب موضوع انقسام سياسي بين فريق يطالب بسيادة الدولة على جميع أراضيها وإمساكها بقرار الحرب والسلم، وفريق آخر يقوده حزب الله يتمسك بالسلاح لمواجهة إسرائيل، مع اتهامات للحزب باستخدام سلاحه للتحكم بالداخل.

– ما هي خيارات حزب الله؟

رد الفعل الأول من حزب الله على قرار الحكومة جاء عنيفاً، حيث رفض الحزب نزع السلاح، مؤكداً أنه سيتعامل معه «وكأنه غير موجود»، واصفاً إياه بـ «الخطيئة الكبرى»، ورغم أن الخيارات أمام الحزب تبدو محدودة، إلا أن جميعها تحمل تكاليف كبيرة.

يمكن للحزب بعد رفض القرار أن يصعّد من خلال استقالة الوزراء الأربعة المحسوبين عليه وعلى حلفائه، وتعطيل عمل البرلمان الذي يمتلك فيه كتلة وازنة، أو إثارة الفوضى عبر تحريك مناصريه في الشارع، والظهور المسلح لإشاعة جو من الترهيب.

لكن أي صدام داخلي ستكون له تداعيات كبيرة على السلم الأهلي ودور حزب الله، حيث يقول الباحث في الشأن اللبناني لدى مجموعة الأزمات الدولية دايفيد وود: «أعتقد أن حزب الله يريد أن يقلّل قدر الإمكان من احتمال دخوله في مواجهة مع الجيش، لأنه يعلم أن البلد كله سيكون ضده، باستثناء مؤيديه، وسيشكّل ذلك كارثة حقيقية على صورته».

كما نفى النائب عن حزب الله علي عمار احتمال حدوث مواجهة مع الجيش.

لا خطوط إمداد

يمكن لحزب الله أن يصعّد مجدداً ضد إسرائيل، ولكن أي حرب جديدة ستكون مدمرة، لأنه لا يملك خطوط إمداد، بعد أن تكبد الكثير من الخسائر وتأثرت قدراته الاستخباراتية واللوجستية، وفق ما يشرحه المحلل العسكري رياض قهوجي.

خرج الحزب منهكاً من حربه مع إسرائيل التي قتلت عدداً كبيراً من قادته ودمّرت جزءاً كبيراً من ترسانته العسكرية، وأصبح حصوله على السلاح عملية معقدة للغاية مع تشديد السلطات اللبنانية والسورية الجديدة تدابيرها على المعابر الحدودية، وإخضاع مؤسسات تمويله في لبنان والخارج لرقابة مشددة وعقوبات متزايدة.

وقد يكون السيناريو الأكثر تفاؤلاً أن يوافق حزب الله على نزع سلاحه في النهاية وينصرف إلى العمل السياسي على غرار ما فعلت الميليشيات التي شاركت في الحرب الأهلية، لكن مصدراً لبنانياً مواكباً للمحادثات قال سابقاً: إن الحزب «لن يفعل ذلك من دون مقابل».

ويرجّح الباحث في مركز «أتلانتيك كاونسل» نيكولاس بلانفورد أن «يحاول حزب الله كسب الوقت» في المرحلة المقبلة، إذ «يستحيل أن يوافق على نزع سلاحه بالكامل».

– أي ارتدادات على لبنان؟

يتعرض لبنان لضغوط كبرى تشترط حصر السلاح بيد القوى الشرعية، للحصول على دعم دولي وعربي لتحقيق الاستقرار والازدهار في هذا البلد الصغير.

وقال الرئيس اللبناني الخميس: «علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار، وإما الاستقرار».

إذا أصر حزب الله على رفض أي جدول زمني لتسليم سلاحه، قد تجد السلطات اللبنانية نفسها في «مأزق»، وفق بلانفورد، بسبب التردد في استخدام القوة ضد الحزب في بلد شديد الانقسام طائفياً وسياسياً.

ويشرح بلانفورد «سيكون من الصعب جداً على الحكومة اللبنانية إجباره على التخلي عنه، وإذا لم تستطع تحقيق ذلك سياسياً، فهل سترسل الجيش اللبناني لمواجهة حزب الله؟ هذا لن يحدث، لذلك لا بد من التوصل إلى نوع من التسوية أو الاتفاق، وهو أمر لن يكون سهلاً».

في الأثناء، قد يدفع ذلك إسرائيل للتحرك مجدداً عسكرياً، حيث سبق لها أن أوصلت رسائل واضحة للبنان عبر الإعلام والقنوات الدبلوماسية، بأنها لن تتردد في شن عمليات عسكرية مدمرة إذا لم ينفذ بند نزع سلاح حزب الله الذي ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *