
تم تحديثه الأربعاء 2025/8/6 07:25 م بتوقيت أبوظبي
صرح الدكتور محمد جِم أوغولتورك، مدير مركز أفريقيا للتطبيقات والبحوث بجامعة إسطنبول آيدن، بأن أنقرة تعتبر أفريقيا سوقًا استراتيجيًا، وتسعى لتوسيع نفوذها من خلال مشاريع تنموية.
مقال مقترح: أسعار الأسمنت اليوم الجمعة 2 مايو 2025.. استقرار ملحوظ في السوق
وفي تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، أوضح أوغولتورك أن هناك دوافع استراتيجية متعددة تعزز من علاقات تركيا الاقتصادية مع أفريقيا في السنوات الأخيرة، حيث قال: “تنويع الأسواق وتقليل الاعتماد على الغرب هما من العوامل الأساسية التي تؤثر في تطور هذه العلاقات، وتعتبر تركيا أفريقيا هدفًا استراتيجيًا في هذا السياق”.
خلال العقدين الماضيين، شهدت العلاقات الاقتصادية بين تركيا والقارة الأفريقية تحولًا تاريخيًا، إذ ساهمت زيادة الاتصالات الدبلوماسية، والرحلات الجوية المباشرة، ومشاريع المقاولات، والاستثمارات في التعليم، في رفع حجم التبادل التجاري إلى 36.6 مليار دولار.
وأشار الدكتور أوغولتورك إلى أن تركيا تسعى لتعزيز قوتها الناعمة في القارة من خلال مشاريع إنسانية، وتعليمية، وبنى تحتية، حيث قال: “صورة تركيا في أفريقيا تزداد إيجابية، وهي تسعى لتعزيز حضورها كفاعل عالمي، رغم وجود تنافس من الصين وروسيا والدول الغربية، إلا أن تركيا تبني علاقاتها على أساس المصالح المتبادلة”.
وأضاف: “تمتلك أفريقيا موارد طبيعية غنية، مما يمثل دافعًا إضافيًا لتركيا التي تحتاج إلى هذه المواد الخام والطاقة، وتسعى الشركات التركية للحصول على موطئ قدم في مشاريع البنية التحتية للوصول إلى هذه الموارد”.
في عام 2000، كان حجم التجارة بين تركيا والدول الأفريقية لا يتجاوز 1.4 مليار دولار، ومع إعلان عام 2003 “عام أفريقيا”، بدأت تركيا انطلاقتها الاستراتيجية نحو القارة، حيث أسست علاقات مؤسسية مع دولها.
وقد شكلت “استراتيجية تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع أفريقيا”، المعتمدة في عام 2003، نقطة تحول مهمة زادت من الاستثمارات والمساعدات التنموية والتعاون الدبلوماسي مع القارة.
بحلول عام 2024، ارتفع عدد السفارات التركية في أفريقيا من 12 في عام 2002 إلى 44، كما زاد التمثيل الدبلوماسي الأفريقي في أنقرة من 10 إلى 38 سفارة، مما ساعد في تعميق الروابط السياسية والاقتصادية.
وفي مجال الصناعات الدفاعية، قال أوغولتورك: “تعتبر تركيا شريكًا جذابًا لأفريقيا من حيث نقل السلاح والتكنولوجيا، وقد وقعت اتفاقيات مع دول مثل إثيوبيا ونيجيريا، كما أن للصومال أهمية خاصة”.
اقرأ كمان: ماري بارّا تتصدر ثورة صناعة السيارات بعد 11 عامًا على قيادة جنرال موتورز
وأوضح أن هذه الدول تستخدم الطائرات المسيرة التركية، والتي تؤثر في موازين القوى، خاصة في المناطق الساحلية، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا التركية تمثل بديلاً للأنظمة الغربية، حيث تقدم تركيا تدريبات عسكرية ومناورات مشتركة.
وأضاف أن السوق الأفريقية تمثل فرصة مهمة للمستثمرين الأتراك، حيث تتطور هذه الشراكات عبر مشاريع بنية تحتية، وتلعب الشركات التركية دورًا كبيرًا هناك، مما يجعلها شراكات طويلة الأمد.
وأكد أن عدم وجود ماض استعماري لتركيا يمنحها ميزة مقارنة بالدول الغربية، حيث بلغ حجم التجارة بين تركيا وأفريقيا 36.6 مليار دولار بحلول عام 2024، بعد أن كان 4.3 مليار دولار في عام 2002، مما يعكس فاعلية الانفتاح التركي على القارة في المجال الاقتصادي.
وفقًا لبيانات هيئة الإحصاء التركية (TÜİK) ومجلس المصدرين الأتراك (TİM)، بلغت صادرات تركيا إلى الدول الأفريقية 19.42 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 1.7%، وتمثل هذه الصادرات 7.4% من إجمالي صادرات تركيا، وكانت الدول الأكثر استيرادًا: مصر (3.5 مليار دولار)، المغرب (3.1 مليار دولار)، وليبيا (2.5 مليار دولار).
أضاف أوغولتورك: “إذا نظرنا إلى انفتاح تركيا على أفريقيا ومنافستها مع الدول الغربية، نجد أن فرنسا وبريطانيا لا تزالان تمارسان تأثيرًا اقتصاديًا وسياسيًا مستمدًا من حقبة الاستعمار، بينما تستغل تركيا هذا الواقع كفرصة”.
تحتل المنتجات الصناعية والزراعية المراتب الأولى في توزيع صادرات تركيا إلى القارة الأفريقية، ولا يزال شمال أفريقيا السوق الرئيسي، بينما تنمو أفريقيا جنوب الصحراء بسرعة.
خلال الفترة من 2010 إلى 2019، كانت 65% من تجارة تركيا مع أفريقيا متركزة في دول شمال القارة، وعلى الرغم من استمرار هذا الاتجاه في عام 2024، فإن التجارة مع دول أفريقيا جنوب الصحراء تشهد نموًا أسرع بكثير، حيث ارتفع حجم التجارة مع تلك الدول بمقدار 11 ضعفًا خلال العشرين عامًا الأخيرة، وشهدت دول مثل غانا ونيجيريا وكينيا والسنغال وإثيوبيا نموًا ملحوظًا في حجم التجارة مع تركيا.
أضاف أوغولتورك: “تركيا تؤكد أنها قادرة على التعاون مع جميع الأطراف في أفريقيا، كما تولي أهمية للروابط الثقافية والتاريخية، وتنفذ مشاريعها دون كثير من العراقيل البيروقراطية”.
أوضح: “تعتبر هذه المشاريع تنموية بالدرجة الأولى، والأسعار المناسبة التي تقدمها تركيا في مجالي الدفاع والنسيج تمثل ميزة واضحة، ويتم تنفيذ انفتاح تركيا على أفريقيا بالتوازي مع تنويع اقتصادي متزايد، وتعزيز نفوذها الدبلوماسي، حيث تلعب الصناعات الدفاعية أيضًا دورًا مهمًا”.
بحلول عام 2024، نفذ المقاولون الأتراك 2031 مشروعًا في أفريقيا، بقيمة إجمالية بلغت 97 مليار دولار، وارتفعت هذه القيمة من 70 مليار دولار في عام 2020، مما يعكس زيادة تتجاوز 38% خلال 5 سنوات، وتبرز الشركات التركية بشكل خاص في مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة في دول مثل ليبيا والسودان والسنغال ونيجيريا والغابون وتنزانيا وإثيوبيا.
تسير الخطوط الجوية التركية رحلات مباشرة إلى 62 وجهة في 41 دولة أفريقية، حيث لا تعزز هذه الرحلات التجارة فحسب، بل تدعم أيضًا مجالات التعليم والصحة والسياحة، وأصبحت إسطنبول أكبر مركز ربط جوي للقارة الأفريقية مع أوروبا وآسيا وأمريكا، مما يساهم في تسهيل الوصول للعديد من رجال الأعمال والمستثمرين الأفارقة إلى قارات أوروبا وآسيا وأمريكا عبر تركيا، ومع تحول إسطنبول إلى مركز عبور دولي لأفريقيا، تلعب الخطوط الجوية التركية دورًا محوريًا في تكامل القارة اللوجستي، كما تستفيد الوفود التجارية الأفريقية المشاركة في المعارض والفعاليات الاقتصادية من هذا الامتداد.
في مطلع الألفية، كانت الخطوط الجوية التركية تسير رحلات إلى عدد محدود من وجهات أفريقيا مثل القاهرة وطرابلس وجوهانسبرغ، أما اليوم، فتغطي 62 مدينة في 41 دولة أفريقية، مما يجعلها أوسع شبكة طيران أجنبية في القارة، ومن بين الخطوط الجديدة التي تم افتتاحها: بورت هاركورت (نيجيريا)، لواندا (أنغولا)، جوبا (جنوب السودان)، وكوناكري (غينيا).
بلغ عدد الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في تركيا 62 ألفًا حتى عام 2024، حيث حصل أكثر من 15 ألف طالب على منح دراسية كاملة ضمن برنامج “المنح التركية” خلال السنوات العشر الأخيرة، وتقوم مؤسسة المعارف التركية بإدارة أكثر من 230 مدرسة في 27 دولة، ومنذ عام 2005، نفذت وكالة “تيكا” أكثر من 1800 مشروع تنموي في أفريقيا، بينما يواصل معهد “يونس إمره” تعليم اللغة التركية في 18 مركزًا ثقافيًا في 15 دولة أفريقية.
ارتفعت قيمة الاستثمارات التركية المباشرة في القارة من 67 مليون دولار في عام 2003 إلى أكثر من 10 مليارات دولار في عام 2024، حيث تركزت هذه الاستثمارات بشكل أساسي في مجالات الطاقة والإنشاءات والزراعة والنسيج والإنتاج.
أعلنت مفوضية الاتحاد الأفريقي تركيا “شريكا استراتيجيا” في عام 2008، وتم توقيع اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع 49 دولة أفريقية، بالإضافة إلى اتفاقيات تعاون عسكري مع 35 دولة، وتعليمي مع 21 دولة، وصناعات دفاعية مع 29 دولة، كما أصبحت تركيا أول مساهم خارجي في مؤسسة التمويل الأفريقية.
تسعى تركيا بعد عام 2025 إلى رفع حجم التبادل التجاري مع أفريقيا إلى 50 مليار دولار، حيث تستند هذه الشراكة متعددة الأبعاد إلى أسس ثقافية واقتصادية ودبلوماسية وعسكرية، مما يعزز قوة الطرفين على المستويين الإقليمي والدولي.
التعليقات