
أفادت الباحثة في الشؤون الأفريقية، شروق حبيب، بأن أوكرانيا تتدخل في شؤون عدة دول أفريقية، مما يؤدي إلى تصعيد الأزمات الأمنية والعسكرية في تلك الدول، وذلك من خلال سفاراتها.
وأوضحت «حبيب» في تصريحات لقناة «الغد»، أنه «استنادًا إلى مصادر ميدانية وتقارير محلية، ورغم التدهور الحاد في الأوضاع العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا خلال الحرب على الجبهة الشرقية، والخسائر المتكررة التي تعرضت لها، إلا أن ذلك لم يمنعها من التدخل في أفريقيا بالتنسيق مع قوى غربية تتحكم في القرار الأوكراني بعد أن أصبحت قيادتها وقواتها رهينة للغرب».
من نفس التصنيف: الخارجية الأمريكية: لا يُمكن قبول امتلاك إيران لأسلحة نووية
وحسب بعض الخبراء والمراقبين، فإن التدخل الأوكراني اتخذ أشكالًا متعددة، تشمل المحاور السياسية والدبلوماسية والعسكرية، بالإضافة إلى الأبعاد الاقتصادية من خلال استخدام سلاح القمح وغيره.
وفي هذا السياق، أعلنت أوكرانيا في أواخر يوليو الماضي عن تعيين أوليكساندر فورونين سفيرًا جديدًا لها لدى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وبحسب مصادر دبلوماسية نقلتها وسائل إعلام أجنبية، فإن تعيين السفير الجديد يعكس رغبة أوكرانيا في تعزيز الحوار مع الجزائر في مجالات متنوعة، بدءًا من التعاون التجاري والاقتصادي وصولًا إلى التبادل الثقافي وتنسيق المواقف على المنصات الدولية، ويأتي ذلك في ظل انتشار تقارير إعلامية واستخباراتية حول تزايد النشاط العسكري والسياسي «غير المرغوب فيه» لأوكرانيا في دول الساحل وليبيا ووسط أفريقيا.
وفي تعليق على هذه التطورات، قال الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، عبدالسلام خالد، إن تعيين السفير فورونين لدى الجزائر يمثل خطوة تتجاوز حدود الدبلوماسية، مما يثير العديد من التساؤلات، حيث تعكس اهتمام كييف الاستراتيجي بتعزيز التعاون مع دول شمال إفريقيا، وتعتبر الجزائر شريكًا مهمًا لتنويع السياسة الخارجية لأوكرانيا وعلاقاتها الاقتصادية.
وأشار «خالد» إلى أن توقيت هذا التعيين يثير الشكوك خاصة بعد تواتر العديد من التقارير الأمنية في الأشهر الأخيرة حول التدخل العسكري الأوكراني في بعض الدول الأفريقية المجاورة للجزائر، عبر مدربين ومشرفين ومقاتلين.
وفقًا للخبير، فإن كييف تخطط من خلال هذا التعيين إلى تحويل سفارتها في الجزائر إلى مركز دعم وتنسيق وإشراف على عمليات مقاتليها النشطين في مالي وليبيا وغيرها، مستغلة الموقع الاستراتيجي للجزائر وقربها من مالي وليبيا، حيث تنشط جماعات مسلحة في إقليم أزواد شمال مالي بقيادة الطوارق، وقد تحدثت العديد من التقارير سابقًا عن دعم كييف لها بالسلاح والمدربين والطائرات المسيرة، وهو ما فعلته سفارات أوكرانيا في عدة دول أفريقية، مثل موريتانيا.
وحذر خالد جميع الدول التي تستعد لاستقبال سفراء أوكرانيين من الأنشطة «غير الدبلوماسية» التي قد تقوم بها سفارات كييف، والتي قد تضر بمصالح الدول المضيفة، داعيًا حكومة الجزائر والحكومات الأفريقية الأخرى إلى مراقبة وتتبع نشاط السفارات والسفراء الأوكرانيين بدقة وحذر.
في سياق متصل، أفاد موقع قناة «الميادين»، نقلاً عن وسائل إعلام محلية في مالي، بأن الجيش المالي كشف عن معلومات حول تحضير «إرهابيين» لعملية كبيرة في مقاطعة كيدال في إقليم أزواد شمالي البلاد، بدعم من مدربين أجانب بينهم أوكرانيون وفرنسيون.
وأضافت وسائل الإعلام المالية أن سفارة أوكرانيا في نواكشوط لعبت دورًا رئيسيًا في تنظيم نقل المسلحين الأوكرانيين والأسلحة للإرهابيين في البلاد، حيث سلمت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية «الإرهابيين» في البلاد طائرة مسيرة من طراز «مافيك» مزودة بنظام إطلاق، وفق ما نقلته وسائل الإعلام نفسها عن الجيش.
وفي أغسطس 2024، أعلنت مالي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وذلك بعد إقرار المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أندريه يوسوف بضلوع أوكرانيا في هجوم أسفر عن مقتل جنود ماليين وبعض المدنيين.
كما انتشرت تقارير إعلامية واستخباراتية في الأسابيع القليلة الماضية، نقلًا عن مصادر ميدانية ليبية ووكالات أجنبية، حول استخدام طائرات مسيرة أوكرانية في المعارك الدائرة في غرب ليبيا وبعض المناطق الأخرى بين الميليشيات التابعة لحكومة الدبيبة وبعض الميليشيات التابعة للأجهزة الأمنية.
من نفس التصنيف: تأجيل الأقساط في الأردن يخفف الأعباء المالية ويمنح الناس فرصة للتنفس بشكل أفضل
وبحسب التقارير، فإن حكومة الوحدة الوطنية، تحت إشراف رئيسها عبدالحميد الدبيبة، قامت بشراء طائرات مسيرة أوكرانية لاستخدامها في القتال ضد ميليشيا «الردع» بقيادة عبدالرؤوف كارة.
ووفقًا لوسائل إعلام ليبية، فإن المشرف المباشر على عملية شراء الطائرات المسيرة وتوريدها إلى طرابلس من الجانب الليبي هو اللواء عبدالسلام زوبي آمر ميليشيا 111، بينما من الجانب الأوكراني، فإن المنسق العام هو الملحق العسكري الأوكراني في إحدى الدول، أندري بايوك.
في سياق متصل، شنت الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الدبيبة في 30 يوليو الماضي هجومًا بالطائرات المسيرة على مدينة مصراتة، وبحسب المصادر حينها، فإن هذه الطائرات هي جزء من دفعة الطائرات المسيرة التي جاءت عبر الجزائر بالتنسيق بين قائد ميليشيا 111 والملحق العسكري الأوكراني في الجزائر، أندري بايوك.
وكان موقع «إنتليجنس أونلاين» الذي يوثق عمل أجهزة الاستخبارات المحلية والأجنبية قد نشر تقريرًا حول طلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا لمحاربة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا.
وقالت «حبيب» إن «الأدلة كثيرة التي تثبت انخراط السفارات والممثليات الدبلوماسية الأوكرانية في أنشطة من هذا النوع في عدة دول أفريقية مثل السودان وموريتانيا ومالي، مما أثار احتجاج وانزعاج عدد كبير من السياسيين والخبراء والمراقبين حول النشاط الأوكراني غير المقبول في دعم النزاعات في تلك البلدان، وضرورة التعامل معه بحزم».
التعليقات