استراتيجيات الشؤون الدينية لمواجهة التحديات البيئية من خلال تكييف الخطاب الديني

كشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي عن استراتيجية القطاع التي تهدف إلى تكييف الخطاب الديني ليكون أكثر ارتباطاً بحياة الناس اليومية وتحدياتهم الكبرى المتعلقة بالبيئة، وأكد يوسف بلمهدي في رده على سؤال برلماني أن الجزائر، مثلها مثل سائر دول العالم، تواجه تفاقماً مقلقاً في قضايا بيئية عدة، ومن أبرزها الانحباس المطري، وتراجع منسوب المياه، وتأثر القطاع الفلاحي، مما ينذر بحدوث اختلالات خطيرة تمس الأمن الغذائي الوطني وتؤثر على استقرار المجتمع، مشيراً إلى أن الأزمة ليست فقط مناخية، بل هي أزمة وعي وعلاقة مختلة بين الإنسان والكون، مما يتطلب استجابة شاملة تشمل جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الخطاب الديني.

وشدد الوزير على أن الخطاب الديني يعد ركيزة أساسية في تعزيز الوعي البيئي، من خلال استحضار النصوص الشرعية التي تدعو إلى الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية.

متابعو الموقع يشاهدون:

دور الخطاب الديني في الوعي البيئي

أكد يوسف بلمهدي أن الخطاب الديني الذي تقدمه دائرته الوزارية لا ينفصل عن قضايا الحياة، بل يتغلغل في تفاصيلها، ويؤسس لرؤية إيمانية تعيد التوازن بين الإنسان ومحيطه، من منطلق أن الكون أمانة، وأن “فساد البيئة من فساد القلوب والسلوك”، كما أشار إلى أن منابر المساجد الجزائرية والمدارس القرآنية والزوايا حاضرة دائماً لمرافقة المجتمع وتوعيته، بالإضافة إلى أنشطة المركز الثقافي الإسلامي وفروعه، وبرامج التكوين في المعاهد المتخصصة التابعة لقطاعه الوزاري.

وأوضح أن الوزارة تحرص على تناول هذا الموضوع بشكل وعظي موجه لجموع المواطنين والمواطنات، مع الاستناد إلى النص الشرعي والسلوك البيئي الملموس في بعض الخطابات، وتوجيه دورات للنشء في المدارس القرآنية، وكذلك التكوين البيئي لدى الأئمة، والتنسيق مع المؤسسات البيئية وتعزيز فحوى البرامج التكوينية ذات الطابع العلمي الشرعي، كما تركز الوزارة على استعادة القيم البيئية الأصيلة.

وفي هذا الصدد، أشار المتحدث إلى ثقافة الأجداد الفلاحية الدينية العميقة، التي تترجمها ممارسات مثل “المكيال” و“المعشار”، وهي أدوات فقهية لضبط إخراج الزكاة بعدل وورع، لافتاً إلى أن وزارة الشؤون الدينية تسعى إلى إعادة إحياء ثقافة الزكاة البيئية، أي الزكاة كضابط للتوازن الطبيعي والاجتماعي، وكقيمة تعيد للأرض حقها وللفقير نصيبه، ويتم ذلك من خلال:

  • صلاة
  • تفعيل المناسبات الدينية الكبرى بيئياً وروحياً

كما تعمل الوزارة على إعادة هندسة العلاقة مع البيئة من خلال تنظيم خطب بيئية تستند إلى القرآن والسنة، وتربط نقص المطر بتقصير العباد في حق الأرض وحق الله وحق الناس، إلى جانب تفعيل الأوقاف في تمويل مشاريع بيئية وتنموية مستدامة.

استراتيجية مواجهة التحديات البيئية

أبرز يوسف بلمهدي أن الوزارة تدرك أهمية دمج البعد البيئي في الخطاب الديني، وتسعى إلى تأهيل الأئمة والمرشدات الدينيات من خلال إدراج مواضيع البيئة ضمن برامج التكوين المستمر، بالإضافة إلى إنشاء شراكات مع وزارة البيئة ومراكز البحث البيئي، لتبادل الخبرات وتطوير المحتوى التوعوي، وتنظيم ندوات وملتقيات علمية حول العلاقة بين الشريعة والبيئة.

ولفت إلى إعداد دروس نموذجية ومواضيع موحدة للجمعة حول قضايا الماء، والغابات والزكاة البيئية، ونظافة المحيط، وإصدار مطويات وكتيبات في المساجد تبسط المفاهيم البيئية بلغة شرعية وعلمية، كما تعمل الوزارة على إدماج الوعي البيئي ضمن مناهج التكوين، وتوجيه نشاط المرشدات الدينيات نحو نشر ثقافة النظافة، وفرز النفايات، وترشيد الماء والطاقة في المجتمع، وشدد المتحدث على أن الخطر البيئي اليوم لا يواجه فقط بالقوانين أو التكنولوجيا، بل يحتاج إلى ثورة قيمية وإيمانية تعيد صياغة العلاقة بالبيئة من منطلقات دينية راسخة، وتابع: “خطابنا الديني عميق في أصالته، ومنفتح على المعارف الحديثة، فهو قوة ناعمة للتغيير، ومنارة وعي بيئي مستدام، بالتعاون مع مختلف الفاعلين في المجال.”

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *