
تم تحديثه الخميس 2025/8/7 07:32 م بتوقيت أبوظبي
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، تظل قضايا المصريين بالخارج واحدة من أهم الأدوات الناعمة التي يمكن أن تدعم الاقتصاد الوطني.
اقرأ كمان: “تراجع وانخفاض” أسعار العملات في السوق السوداء اليوم في مصر 10 مارس 2025
مع التحولات الجيوسياسية السريعة في محيط مصر الإقليمي والدولي، تبرز قضايا المصريين بالخارج كوسيلة دبلوماسية اقتصادية تعزز الاستقرار وتدعم الاقتصاد الوطني، وهذا ما تجلى في تجربة السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج السابقة. .
في حوار خاص مع “العين الإخبارية”، استعرضت السفيرة جندي رؤية الدولة المصرية لدمج ملف الهجرة ضمن السياسة الخارجية، وناقشت تفاصيل المبادرات التي قادتها الوزارة سابقًا، مثل “سيارات المصريين بالخارج” و”التسوية التجنيدية”، بالإضافة إلى تقييمها لفكرة دمج وزارة الهجرة مع الخارجية، ومستقبل العاملين في هذا القطاع الحيوي. .
هل ترين أن دمج وزارة الهجرة مع وزارة الخارجية خطوة إيجابية؟ .
في الحقيقة، كان توقيت دمج الوزارة غير مفهوم، خاصة وأن القرار جاء في وقت كانت الوزارة تحقق فيه ملايين الدولارات من خلال مبادراتها التي كانت تكلفتها على الموازنة العامة للدولة، ولكن من المهم الإشارة إلى أن وزارة الهجرة منذ تأسيسها تأرجحت بين الاستقلال والضم لأسباب تتعلق بترشيد النفقات وإعادة هيكلة الأولويات. .
على الرغم من ذلك، أؤكد أن تأثير الوزارة على الدولة والمصريين بالخارج كان دائمًا أكبر من تكلفة استمرارها، حيث لعبت الوزارة دورًا حيويًا في الأزمات الاقتصادية من خلال مبادرات نوعية ساهمت في تعزيز تحويلات المصريين بالخارج وفتح مسارات بديلة لدعم الاقتصاد الوطني. .
وماذا عن مصير العاملين في قطاع الهجرة بعد الدمج؟ .
بعض العاملين تم دمجهم في قطاعات مختلفة داخل وزارة الخارجية، لكن بأعداد محدودة، بينما تم الاستغناء عن آخرين، وهذه المسألة تحتاج إلى مراجعة شاملة تضمن الاستفادة من الخبرات المتراكمة في هذا الملف، خاصة أن الوزارة كانت تعتمد على كوادر مدربة ومؤهلة للتعامل مع قضايا الجاليات وتحديات الهجرة، ومع إلغاء وزارة الهجرة وتقليص العمالة المدربة، أصبح التعامل مع بعض الملفات أقل فعالية، خصوصًا في ظل التوترات السياسية في المنطقة.
هل هناك نية لإعادة مبادرات مثل “سيارات المصريين بالخارج” و”التسوية التجنيدية”؟ .
بالفعل، تلقيت خلال الأشهر الماضية طلبات عديدة من المصريين في الخارج، خاصة من خلال مجموعات مخصصة لهم، تطالب بإعادة إطلاق تلك المبادرات، وقد قمت بإرسال هذه المطالب رسميًا إلى رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، وقد تلقيت ردودًا تؤكد أن الأمر سيتم مناقشته خلال مؤتمر المصريين بالخارج، وهناك تجاوب واضح، ونأمل أن تكون هناك خطوات عملية قريبة. .
كيف تقيّمين تجربة مبادرة “سيارات المصريين بالخارج”؟ .
تعتبر هذه المبادرة واحدة من أنجح المبادرات، حيث حققت هدفًا مزدوجًا، إذ مكنت المصري في الخارج من إدخال سيارة دون أعباء جمركية مرهقة، ومن ناحية أخرى، ساهمت في ضخ أكثر من 1.8 مليار دولار في خزينة الدولة عبر الودائع الدولارية التي استردت بعد 5 سنوات وفقًا لشروط محددة، وقد مثلت المبادرة نموذجًا للتفاوض الناجح الذي يحقق مصلحة المواطن والدولة معًا، وأعتقد أن هناك فرصة حقيقية لإحيائها مع بعض التعديلات الفنية. .
ممكن يعجبك: سعر الدولار اليوم في البنك الأهلي المصري 16 مايو 2025 يصل إلى 50.11 جنيه للشراء
ما تقييمك لدور وزارة الهجرة في تعزيز موارد الدولة؟ .
عملت الوزارة خلال فترة عملي على 18 مبادرة رئيسية تخدم المصريين بالخارج وتدعم الاقتصاد الوطني، ليس فقط عبر تحويلات مالية، بل من خلال تعظيم الاستفادة من الكفاءات المصرية في الخارج وربطهم بالمبادرات التنموية، فضلاً عن التعاون مع منظمات دولية مثل منظمة الهجرة الدولية لتدريب وتأهيل المصريين للعمل في الأسواق الخارجية، وهو ما توج بإنشاء “المركز المصري للهجرة والتدريب”. .
كيف ترين مستقبل الدبلوماسية الاقتصادية لمصر في ظل التغيرات العالمية؟ .
تمتلك مصر أدوات متعددة في هذا المجال، بدءًا من موقعها الجغرافي ومكانتها الإقليمية، مرورًا بقوة الشباب في سوق العمل، وصولًا إلى الاستقرار السياسي والمبادرات التنموية الكبرى، وأعتقد أن تحويل هذه الإمكانيات إلى أوراق ضغط إيجابية هو مسؤولية الدولة عبر سياسات مرنة، تستوعب المتغيرات العالمية، مثل أزمة اللاجئين، ورسوم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتحولات الاقتصادية في أوروبا وأفريقيا، ويمكن استغلال كل ذلك لتحويله إلى فرص وليس ضغوطًا. .
وماذا عن ملف أفريقيا؟ هل لدى مصر رؤية واضحة للعودة بقوة؟ .
أفريقيا دائمًا في قلب السياسة الخارجية المصرية، ولدينا شركات وطنية أثبتت جدارتها في السوق الأفريقي مثل السويدي وأوراسكوم، وهناك فرص هائلة في قطاعات مثل الدواء، خاصة بعد إنشاء وكالة الدواء الأفريقية في رواندا، خلال عملي كمساعد لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية، سعينا لاستضافة مقرات منظمات إقليمية تعزز التكامل الاقتصادي، خاصة في الدول الخارجة من النزاعات، والتنمية هي المفتاح، ومتى وصلت لمجتمع معين، يحدث فيه تحول نوعي. .
هل يمكن لمصر تصدير الحرفيين إلى الأسواق العالمية؟ .
نعم، لدينا كنز حقيقي في هذا القطاع، فالحرف اليدوية المصرية مطلوبة عالميًا، وخلال زياراتي للولايات المتحدة، لاحظت اهتمامًا كبيرًا من منظمات المرأة وشركات صغيرة بالحصول على منتجات مصرية تراثية، والتحدي يكمن في هيكلة المنظومة، وتسهيل الإجراءات، وتدريب الكوادر الشابة بدلاً من الهجرة غير الشرعية التي كثيرًا ما تكون بالعدوى دون وعي كاف بمخاطرها. .
في حال طرح عليك منصب في مجلس الشيوخ.. هل ستقبلين؟ .
أي منصب يطلب مني لخدمة الدولة لن أتردد في قبوله، سواء كان تنفيذياً أو تشريعياً، أنا أؤمن بالعمل العام كرسالة، ويشرفني دائمًا أن أكون في موقع يمكنني من خدمة المصريين، سواء في الداخل أو الخارج. .
هل تكتبين كتابًا عن تجربتك في العمل العام؟ .
نعم، لدي نية قوية لتوثيق مسيرتي في كتاب بعنوان “أيام في محبة مصر”، ليس من باب السرد الشخصي، بل لتقديم نموذج عملي يستفيد منه كل من يعمل في المجال العام، خاصة فيما يتعلق بملف المصريين بالخارج والدبلوماسية التنفيذية. .
كلمة أخيرة؟ .
ملف المصريين بالخارج ليس رفاهية، بل أولوية وطنية، وهم شريك حقيقي في التنمية، ولا بد من أن تبقى القنوات مفتوحة معهم، بسياسات مرنة، واستماع دائم، ومبادرات ذكية تضمن مصالحهم وتخدم الدولة المصرية في آنٍ واحد.
التعليقات