لماذا يرفض زامير خطط نتنياهو لاحتلال غزة رغم قيادة جيش منهك؟

إسرائيل ـ رويترز.

انضم إيال زامير، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي يعارض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، إلى قائمة طويلة من الجنرالات الذين اختلفوا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث عبّر زامير خلال اجتماع حاد يوم الثلاثاء عن مخاوفه بشأن سلامة الرهائن المتبقين، ونتائج استمرار الجيش المنهك في البقاء لفترة طويلة داخل القطاع المحاصر، رغم أن التوقعات تشير إلى أنه سيتولى السيطرة على المناطق المتبقية إذا أُعطيت له الأوامر بذلك.

في تصريحات أدلى بها يوم الخميس، قبيل اجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر مع نتنياهو، دافع زامير عن حقه في إبداء رأيه بصوت الجيش، لكنه أشار إلى أن بإمكان الجيش الآن إرساء واقع أمني جديد على الحدود، مضيفًا: «هدفنا هو هزيمة حماس، مع وضع مسألة الرهائن في مقدمة أولوياتنا».

بينما تتباين صورته في نظر الفلسطينيين، حيث عرفوه من أحداث شهدها القطاع في 2018، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 150 شخصًا، والآن يُعتبر مهندس الدمار الشامل في القطاع.

مهمة صعبة

يرى مايكل ميلشتين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان للأبحاث الشرق الأوسطية والإفريقية بجامعة تل أبيب، أن التحدي الذي يواجهه زامير يتمثل في الترويج لمبدأ أو سياسة لا يدعمها حقًا، وهو أمر بالغ الصعوبة، ومع ذلك، يؤكد ميلشتين أن زامير في وضع يؤهله للدفاع عن وجهة نظره، كونه السكرتير العسكري السابق لنتنياهو الذي ترقي إلى نائب رئيس هيئة الأركان العامة في 2018، ثم رئيسًا للأركان مطلع هذا العام.

وأشار إلى أنه على عكس بعض كبار قادة الجيش الآخرين، لم تتلطخ سمعة زامير بأخطاء أمنية كارثية، والتي مكنت حركة حماس من شن هجوم عبر الحدود في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي يُعتبر أسوأ فشل عسكري لإسرائيل.

كما يقود زامير الجيش في وقت يتمتع فيه بشعبية كبيرة، بعد توجيه ضربات قاصمة لجماعة حزب الله اللبنانية العام الماضي، والقضاء على جزء كبير من البرنامج النووي الإيراني وقيادات الحرس الثوري في يونيو/حزيران.

ورغم أن الانقسامات السياسية الداخلية أثرت على ثقة الجمهور في نتنياهو، حيث لم تتجاوز 40% في استطلاع رأي الشهر الماضي، إلا أن أكثر من 68% من المشاركين في الاستطلاع أعربوا عن ثقتهم بزامير.

انتقادات دولية واسعة

في المقابل، تعرض الجيش الإسرائيلي لانتقادات متزايدة من الخارج، بما في ذلك من حلفاء غربيين رئيسيين، بسبب إدارته للحرب في قطاع غزة، في ظل الدمار الهائل وشبح المجاعة وسقوط عدد كبير من القتلى والمصابين المدنيين.

وقد وسع زامير نطاق الحرب على قطاع غزة منذ توليه المنصب بعد استقالة هرتسي هاليفي في يناير/كانون الثاني، بسبب تداعيات الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر 2023.

بعد انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار مع حماس في مارس/آذار، صعّد زامير العمليات البرية في أنحاء قطاع غزة، حيث قال في خطاب للقوات: «سنواصل حتى نكسر قدرة العدو القتالية، حتى نهزمه أينما عملنا».

جندي دبابة

بدأ زامير مسيرته العسكرية الطويلة في سلاح المدرعات منذ عام 1984، حيث قاد الدبابات في وقت كانت فيه القوات الإسرائيلية منغمسة بشدة في احتلالها لجنوب لبنان، ثم ترأس وحدة التدريب والعقيدة العسكرية، مساهماً في صياغة الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي، قبل أن يتولى قيادة اللواء السابع ثم الفرقة 36.

وبصفته قائدًا للقيادة الجنوبية بين عامي 2015 و2018، كان مسؤولًا عن كيفية تعامل الجيش مع احتجاجات أسبوعية استمرت لعدة أشهر، حيث شارك فيها الآلاف من سكان غزة الذين اقتربوا من السياج الأمني مع إسرائيل، وقد فرضت إسرائيل حصارًا جزئيًا على البضائع والأفراد منذ 2005، ثم أقامت السياج بعد سحب جيشها ومستوطنيها من القطاع الساحلي.

قُتل أكثر من 150 محتجًا خلال تلك التجمعات، وبينما وصف الفلسطينيون القتلى بالعزل، اعتبرت إسرائيل أنهم مثيرون للشغب.

أشاد نتنياهو ووزراء إسرائيليون بسجل زامير الحافل عند تعيينه، لكن التحدي في الموازنة بين مطالب القيادة السياسية واحتياجات جيش منهك أصبح واضحًا، حيث بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية في إبريل/نيسان بنشر تقارير عن صدامات بين رئيس هيئة الأركان ووزراء في الحكومة، خاصة من اليمين المتطرف الذين طالبوا بنهج أكثر صرامة في غزة.

منذ بداية الحرب، عبّر جنرالات إسرائيليون عن مخاوفهم من صراع مفتوح، مع الاستدعاء المتكرر لقوات الاحتياط وتولي الجيش إدارة جيب مدمر يقطنه سكان ساخطون.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *