كيف يمكن أن تؤدي حسابات التقاعد والضرائب والاستثمار بالذكاء الاصطناعي إلى الإفلاس؟

تم تحديثه الجمعة 2025/8/8 03:35 م بتوقيت أبوظبي

في الأشهر الأخيرة، انتشرت على محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي موجة من المحتوى المقلق حول الضرائب، والتقاعد، والاستثمار، وكل ما يتعلق بالمال بشكل عام، مما يثير تساؤلات كثيرة حول مصداقية هذه المعلومات.

خلف هذه النصوص المضللة، توجد آلية منظمة تستغل قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي لنشر معلومات خاطئة، وتحقيق أرباح من ورائها.

شكل جديد من التضليل

وكشفت مجلة “ليزيكو” الفرنسية عن طرق تضليل الذكاء الاصطناعي، إذ إذا كانت مقاطع الفيديو والصوت المزيفة (Deepfakes) قد أثبتت قدرتها على التأثير في الرأي العام سياسيًا، فإن هناك توجهًا آخر يتطور بصمت، وهو استخدام الذكاء الاصطناعي للتلاعب بمواضيع مالية يومية تمس حياة الأفراد.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الهدف هنا لم يعد فقط زعزعة استقرار الحكومات، بل أيضًا إثارة الشكوك لدى الناس بشأن أمور مثل الضرائب، أو التقاعد، أو القرارات الاستثمارية، مما يزيد من القلق العام.

وأوضحت أن هذه المواد غالبًا ما تأتي في هيئة مقالات تحاكي أسلوب الصحافة التقليدية، حيث تحتوي على عناوين جذابة، وصور توضيحية، وأرقام وإحصاءات، لكن الحقيقة أن هذه النصوص تُنتَج بالكامل بواسطة أدوات ذكاء اصطناعي توليدي، مثل ChatGPT، القادرة على إنتاج محتوى متكامل استجابة لأوامر بسيطة.

لماذا تظهر هذه المقالات المضللة في كل مكان؟

وبحسب جان-مارك لونوار، أستاذ الرياضيات والمتخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن هذه النصوص صُممت خصيصًا لإثارة القلق أو الغضب، وكلما نجحت في إثارة مشاعر قوية، زادت فرص مشاركتها، وبالتالي يزداد عدد الزيارات التي تحقق أرباحًا إعلانية لمنتجيها.

أما خوارزميات محركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعي، فهي تفضل المحتوى الذي يثير التفاعل بغض النظر عن دقته، مما يمنح هذه الأخبار الزائفة انتشارًا أوسع.

استغلال قلة الوعي المالي

تشير صوفي دوراند، عالمة اجتماع متخصصة في قضايا المال والاستهلاك، إلى أن هذا النوع من التضليل يجد أرضًا خصبة لدى الأفراد الذين يفتقرون إلى الثقافة المالية، حيث تقول: “كثيرون لا يمتلكون أدوات التحقق من المعلومات المالية المعقدة، مما يجعلهم أكثر عرضة لتصديق الأخبار الكاذبة، خاصة إذا كانت مكتوبة بأسلوب مقنع أو مدعومة بصور ورسوم بيانية”.

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه لتحقيق الربح، عليك إنتاج محتوى مثير عبر أدوات الذكاء الاصطناعي، وكذلك نشره عبر مواقع مهيأة لتحسين الظهور في محركات البحث (SEO)، مما يساهم في زيادة الانتشار.

كما يتم تضخيم المنتج عبر شبكات التواصل الاجتماعي باستخدام حسابات وهمية أو حملات مدفوعة، وجني الأرباح من الإعلانات المعروضة أمام القراء.

خطر على القرارات المالية للأفراد

هذا النوع من الأخبار قد يدفع الناس لاتخاذ قرارات مالية خاطئة، مثل سحب أموالهم من استثمارات آمنة بسبب إشاعة عن انهيار وشيك، أو الوقوع في فخ استثمارات وهمية تُسوَّق على أنها فرص ذهبية، مما يزيد من المخاطر المالية.

ووفقًا للصحيفة الفرنسية، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يعد مجرد أداة للإبداع أو المساعدة التقنية، بل أصبح سلاحًا بيد من يسعون لاستغلال القلق البشري من أجل الربح، مما يتطلب منا التحلي بالوعي النقدي.

وفي مواجهة هذه الموجة من التضليل، يصبح الوعي النقدي والتحقق من مصادر المعلومات ضرورة ملحّة لكل من يريد حماية أمواله وعقله من التضليل الرقمي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *