أستاذ جامعي من شنغهاي يؤكد أن غزة تواجه كارثة إنسانية والصين تؤيد جهود مصر لحل الدولتين

أوضح الدكتور دينج لونج، أستاذ العلاقات الدولية والشرق الأوسط بجامعة شنغهاي الصينية، أن الوضع في قطاع غزة يُعتبر “كارثة إنسانية” تستدعي رد فعل عالمي، حيث تحولت غزة إلى رمز للمعاناة الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، إذ يعيش 2.3 مليون فلسطيني في سجن مفتوح بفعل الحصار المستمر منذ 18 عامًا.

وأشار الخبير الصيني في حديثه لـ “بوابة مولانا” إلى أن 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية، و40% من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، بينما تتعرض البنية التحتية الطبية للتدمير بعد كل موجة عنف، ولفت إلى أن بلاده تدعم بقوة مبادئ العدل والسلام وحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن موقف الصين ليس مجرد رد فعل على أحداث معينة، بل يعكس فلسفتها العميقة في العلاقات الدولية التي ترتكز على احترام السيادة والاستقلال، وحل النزاعات عبر الحوار والتفاوض.

كما أشار إلى أن الصين أكدت دعمها الكامل لحل الدولتين، بالتوافق مع الجانب المصري الذي يسعى لوقف الحرب على غزة، معتبرًا أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستدام في فلسطين وإسرائيل، وقد أدانت الصين العدوان العسكري على المدنيين في غزة، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية الحقوق الإنسانية الأساسية، كما طالبت بكين المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة الإنسانية، وتقديم المساعدات الطبية والغذائية للمتضررين.

وذكر دينج أن الأعمال الإنسانية التي قامت بها الصين واضحة، حيث أرسلت شحنات مساعدات طبية وإغاثية إلى غزة، بما في ذلك المعدات الطبية الضرورية والأدوية، لتلبية الاحتياجات الملحة للمتضررين، كما دعمت الصين منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات غير الحكومية العاملة في المنطقة لتقديم المساعدات بشكل أكثر فعالية.

وأكد أنه في المحافل الدولية، مثل مجلس الأمن الدولي والمؤتمرات المعنية بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تمثل الصين صوتًا عادلًا يدعو إلى حل سلمي عادل للصراع، وقد ناقشت الصين القضايا الإنسانية في غزة مرارًا، مع التأكيد على ضرورة احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، ودعت إلى إعادة فتح القنوات الدبلوماسية بين إسرائيل وفلسطين لإيجاد حل دائم للأزمة.

وتابع: تعمل الصين بشكل وثيق مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتنسيق الجهود الإنسانية في غزة، وقد قدمت الصين التزامات مالية لبرامج إعادة الإعمار والتنمية في المنطقة، مؤكدة أن هذه المساعدات يجب أن تكون غير سياسية، وتركز على احتياجات المدنيين

وتتوقع الصين استمرار مشاركتها الإنسانية والدبلوماسية في المنطقة، مشددة على أن السلام المستدام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال احترام حقوق الإنسان وحل النزاعات بشكل عادل، حيث يرى الخبير الصيني أن الحل النهائي يجب أن يعتمد على مبدأ سيادة الدول واحترام القرارات الدولية، مع إيجاد حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وبشأن موقف الصين من قضية غزة، أكد على ضرورة توقف جميع الأطراف عن الأعمال العدائية فورًا، مشيرًا إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تجاوزت نطاق الدفاع عن النفس، مما يشكل “عقابًا جماعيًا” ضد المدنيين الفلسطينيين، وطالبت الصين باحترام القانون الدولي وضمان فتح ممرات إنسانية، مع وضع حياة المدنيين في المقام الأول، ومعارضة أي أعمال عنف ضد المدنيين سواء من قبل حماس أو الرد الإسرائيلي المفرط، كما دعت الصين إلى حل النزاع عبر المفاوضات السياسية، حيث يتمثل جوهر هذا الحل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتعتبر الصين هذا الحل الطريق الوحيد لكسر دائرة العنف، وتحث المجتمع الدولي على دفع هذا المسار بشكل ملموس.

وتابع: تدين الصين استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) ضد قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، معتبرة أن ذلك “خنق آمال أهالي غزة”، كما تؤكد على ضرورة قيام مجلس الأمن بمسؤولياته القانونية في حفظ السلام، وتتعاون مع أطراف متعددة للضغط على إسرائيل لاحترام القانون الدولي، ومطالبة القوى الكبرى بتطبيق “تعددية حقيقية” ورفع المعايير المزدوجة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب

وبالنسبة لأولوية الإغاثة الإنسانية في إدارة الأزمة، أكد أن الصين تواصل المطالبة برفع الحصار عن غزة، وإلزام إسرائيل بإعادة إمدادات المياه والكهرباء والمواد الطبية، لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية، حيث تصف الصين الوضع الحالي بأنه “اختبار لضمير الإنسانية”، وتطالب المجتمع الدولي بإعطاء أولوية لحقوق اللاجئين في الحياة بدلاً من الصراعات الجيوسياسية.

ويستند الموقف الصيني إلى ثلاثة أركان رئيسية: وقف إطلاق النار، وتنفيذ حل الدولتين، والدفاع عن القانون الدولي، مما يشكل تباينًا واضحًا مع الموقف الغربي في الاتساق في تطبيق القانون، حيث تعارض الصين الانتقائية، وتؤكد على أهمية الحلول السياسية على الحلول العسكرية، ودعم هيبة الأمم المتحدة مقابل المعايير المزدوجة

واستعرض الخبير مساعدات بلاده لغزة، حيث أرسلت شحنات طبية بقيمة 10 ملايين دولار عام 2024، وبنت ثلاثة محطات تحلية مياه تعمل بالطاقة الشمسية، ودربت 150 طبيبًا فلسطينيًا في مستشفيات الصين، وقدمت مقترح “وقف إطلاق النار الفوري” في مجلس الأمن، واستضافت مؤتمر التضامن مع فلسطين في بكين 2025، وأنشأت صندوق إعادة إعمار غزة بمشاركة دول البريكس.

ورصد دينج حجم المعاناة في غزة، حيث فقد 70% من الأدوية الأساسية التي نفدت من مستودعات وزارة الصحة، وعمل 12 مستشفى فقط بطاقة 30% بسبب نقص الوقود، وانتشرت الأوبئة مثل الكوليرا بسبب تلوث 95% من مصادر المياه، حيث تعيش 63% من الأسر في انعدام الأمن الغذائي، وارتفعت أسعار سلة الغذاء الأساسية بنسبة 300% منذ عام 2023، ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تجاوزت معدلات سوء التغذية عتبة المجاعة، ودُمرت 60% من المساكن كليًا أو جزئيًا، وأصبحت 80% من الأراضي الزراعية غير صالحة للاستخدام، كما انهار نظام التعليم مع تدمير 126 مدرسة بشكل كامل.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *