قصة نجاح خسروشاهي.. من لاجئ إيراني إلى قائد بارز في عالم التكنولوجيا مع «أوبر»

لم يكن الحظ وحده هو ما ساعد دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبر”، في رحلته من طفل لاجئ إلى أحد الأسماء اللامعة في وادي السيليكون، بل إن إصراره وعزيمته لعبا دورًا كبيرًا في نجاحه، حيث صنفته مجلة “فوتيون” ضمن أقوى 100 شخصية في مجال الأعمال، وقد استطاع أن يترك بصمة واضحة في هذا المجال حتى قاد واحدة.

وُلد خسروشاهی عام 1969 في العاصمة الإيرانية طهران لعائلة ثرية تمتلك أعمالًا ناجحة في مجالات الأدوية والتغليف، إلا أن “ثورة 1979” قلبت حياته بشكل جذري، مما اضطر عائلته إلى الهروب من إيران، تاركة وراءها كل ما تملك، وبعد إقامة قصيرة في فرنسا، استقرت الأسرة في الولايات المتحدة، حيث نشأ دارا في نيويورك مع والدته وإخوته، بينما حُرم من لقاء والده لست سنوات بسبب القيود الحكومية المفروضة آنذاك.

رغم التحديات والصعوبات التي واجهها في بداياته، لم تمنع هذه الظروف خسروشاهي من تحقيق نجاحات أكاديمية، حيث التحق بمدرسة Hackley، ثم تخرج من جامعة براون بتخصص في الهندسة الكهربائية والإلكترونية عام 1991.

بدأ خسروشاهي مسيرته المهنية كمحلل مالي في بنك الاستثمار “Allen & Company”، ومن هنا انطلق في عالم الأعمال عبر بوابة شركات الإعلام والتكنولوجيا، حيث انضم إلى إحدى شركات الملياردير الأمريكي باري ديلر، وصعد تدريجياً إلى قمة القيادة في شركة “إكسبيديا” عام 2005، وتحت قيادته، توسعت الشركة إلى أسواق عالمية واستحوذت على شركات كبرى مثل Orbitz وHomeAway.

التحدي الأكبر

في أغسطس/آب 2017، جاء التحدي الأكبر عندما تولى قيادة “أوبر” خلفاً لمؤسسها ترافيس كالانيك، الذي استقال بعد سلسلة من الفضائح التي أثرت سلبًا على سمعة الشركة، وجد خسروشاهي نفسه في موقف يتطلب ليس فقط إنقاذ الشركة، بل إعادة تحسين صورتها بالكامل.

اعتمد دارا أسلوبًا قياديًا هادئًا ودبلوماسيًا، وبدأ مهامه بإصلاح ثقافة العمل داخل الشركة، وتحسين العلاقات مع الجهات التنظيمية في عدة دول، وقاد خسروشاهي “أوبر” نحو الاكتتاب العام في 2019، ووسّع خدماتها لتشمل مجالات جديدة مثل توصيل الطعام عبر خدمة “Uber Eats” والشحن التجاري من خلال “Uber Freight”.

بعيدًا عن عالم الأعمال، يهتم خسروشاهي بالقضايا الإنسانية بشكل كبير، حيث تحدث مرارًا عن تجربته كلاجئ، ودعم علناً قضايا المهاجرين، ورفض السياسات المناهضة للهجرة التي تبنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك “حظر السفر” الذي طال دولاً ذات أغلبية مسلمة.

على الصعيد الشخصي، تزوج مرتين وله أربعة أبناء، ورغم مكانته العالية، فإنه يبقى مرتبطًا بجذوره الشرقية وتجربته كلاجئ، وهو ما يشكل جزءًا مهمًا من هويته.

في وقت تسعى فيه الشركات التقنية لإعادة بناء الثقة وتحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية الاجتماعية، يمثل دارا خسروشاهي نموذجًا للقيادة التي تتسم بالمرونة والشفافية، حيث يؤمن بأن النجاح لا يقتصر على الأرقام، بل يشمل أيضًا القيم الإنسانية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *