
«إذا وصلَتكم كلماتي، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي».. بهذه الكلمات المؤثرة، نشر حساب الصحفي الفلسطيني الراحل أنس الشريف على منصة «إكس» وصيته الأخيرة، بعد ساعات من مقتله في غارة إسرائيلية استهدفت خيمة للصحفيين قرب مجمع الشفاء الطبي في غزة.
من نفس التصنيف: الجيش المصري يلقي مساعدات إنسانية ضخمة على غزة من السماء
تحت عنوان «هذه وصيتي ورسالتي الأخيرة»، جاءت وصية مراسل قناة «الجزيرة»، التي تحمل تاريخ السادس من إبريل/نيسان 2025، مع تعليق يقول: «هذا ما أوصى بنشره الحبيب الغالي أنس عند مقتله/إدارة الصفحة».
في وصيته، يقول الشريف: «إذا وصلَتكم كلماتي، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي».
البداية من مخيم جباليا
وأضاف الشريف: «يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة، لأكون سنداً وصوتاً لأبناء شعبي، منذ أن فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة «المجدل»، لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ».
وتابع: «عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مراراً، وعلى الرغم من ذلك لم أتوانَ يوماً عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهداً على من سكتوا، ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا، ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكناً، ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف».
ممكن يعجبك: ترامب يحدد أولوياته في غزة بينما يصف ستارمر الوضع بالكارثي
أوصيكم بفلسطين
واصل الشريف في رسالته قائلاً: «أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران».
وتابع: «أوصيكم ألاّ تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسوراًَ نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة».
رسالة أنس الشريف إلى أسرته
تحدث الشريف عن أسرته قائلاً: «أُوصيكم بأهلي خيراً. أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم».
وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عوناً ورفيق درب حتى يشتدّ عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة. أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي. أدعو الله أن يُربط على قلبها، ويجزيها عنّي خير الجزاء.
وتابع: «أوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيام وشهور طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكلّ قوّة وإيمان. أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سنداً بعد الله عز وجل».
واستكمل الشريف وصيته قائلاً: «إن متُّ، فإنني أموت ثابتاً على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى. اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نوراً يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي. سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل».
واختتم الصحفي الفلسطيني رسالته قائلاً: «لا تنسوا غزة… ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول».
من نفس التصنيف: صفقة المعادن تعزز موقف ترامب في محادثات السلام مع روسيا في واشنطن
التعليقات