
أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بأشد العبارات جريمة اغتيال إسرائيل لخمسة من طاقم قناة الجزيرة في قطاع غزة، بينهم المراسلان أنس الشريف ومحمد قريقع، واعتبرها جزءًا من سياسة منهجية تهدف إلى إسكات شهود الحقيقة وطمسها، خاصة بعد محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تبييض جرائم جيشه في مؤتمر صحفي سبق الجريمة بساعات.
وفقًا لمتابعة الطاقم الميداني لفريق المرصد الأورومتوسطي، فقد استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية مفخخة خيمة للصحفيين قرب مجمع الشفاء الطبي، مساء الأحد 11 أغسطس الجاري، ما أسفر عن مقتل خمسة من طاقم قناة الجزيرة في مدينة غزة، وهم: المراسل أنس الشريف، والمراسل محمد قريقع، والمصور إبراهيم ظاهر، والمصور مؤمن عليوة، والمصور محمد نوفل، بينما أصيب صحافيون آخرون بجروح
مقال له علاقة: بيان مشترك من 21 دولة بينها الجزائر حول العدوان على إيران.. تفاصيل مثيرة تعرف عليها!
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيانه أن هذه الجريمة جاءت بعد ساعات فقط من مؤتمر لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي صعد فيه تحريضه على وسائل الإعلام المستقلة، وهاجم التغطية الصحفية التي تكشف جرائم جيشه، متوعدًا بالمضي في مخططه لفرض السيطرة الكاملة على غزة، مما يؤكد أن هذا الخطاب التحريضي العلني شكل إشارة مباشرة لقواته بضرورة إسكات الأصوات التي تنقل الحقيقة للعالم، وهو ما تجسد سريعًا في جريمة الاغتيال المروعة بحق الصحفيين.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن اغتيال الصحفي أنس الشريف يعكس المستوى الخطير الذي وصل إليه استهتارها بالقوانين الدولية، ويعد تعبيرًا صارخًا عن نتائج الإفلات من العقاب الناجمة عن سياسة الدعم والصمت التي يمارسها المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن اغتيال الصحفيين، خاصة «الشريف»، جاء بعد سلسلة من التحريضات والاتهامات له، بعد أن قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والده في قصف مباشر سابق للضغط عليه للتوقف عن التغطية الصحفية.
وحذر المرصد الأورومتوسطي من أن تصعيد جرائم استهداف من تبقى من الصحفيين في قطاع غزة في ظل استمرار منع طواقم الصحافة الأجنبية منذ بدء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، يشير إلى سعي إسرائيلي لفرض تعتيم إعلامي كامل على ما يحدث داخل القطاع، وذلك في ظل الحديث عن بدء عملية عسكرية واسعة النطاق في مناطق واسعة من القطاع، لا سيما مدينة غزة.
كرر الأورومتوسطي إدانته الشديدة للاستهداف الإسرائيلي والقتل المباشر والمتعمد للصحفيين في قطاع غزة التي تشهد جريمة إبادة جماعية شاملة، وذلك لمنعهم من القيام بعملهم، مطالبًا باتخاذ إجراءات دولية سريعة تؤدي إلى محاسبة المتورطين فيها، ووضع حد للاستهداف الإسرائيلي المنهجي للعمل الصحفي الفلسطيني.
مواضيع مشابهة: جامعة ستانفورد تلغي 363 وظيفة نتيجة تأثيرات ترامب على التعليم
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن إسرائيل حولت حربها المروعة المتواصلة على قطاع غزة منذ 22 شهرًا إلى «مقتلة» للصحفيين الفلسطينيين عبر استهدافهم ومقار عملهم بشكل منهجي، في مسعى لفرض تعتيم إعلامي حقيقي وشامل على القطاع بأكمله.
ووثق المرصد الأورومتوسطي مقتل أكثر من 230 صحافيًا من جميع الفئات الإعلامية العاملة في قطاع غزة، فضلًا عن إصابة واعتقال العشرات، مما يمثل أكبر حصيلة دامية لضحايا من الصحفيين أثناء الحروب والنزاعات في التاريخ الحديث.
أكد الأورومتوسطي أن استهداف إسرائيل للصحفيين في غزة جاء عن سبق إصرار وترصد، حيث لم تترك لهم أي مكان آمن، فهاجمتهم خلال عملهم وهم يرتدون ستراتهم الصحفية المميزة في الميدان، وفي الخيام المقامة قرب المستشفيات لتيسير التغطية الإعلامية، وحتى داخل منازلهم مع أسرهم، حيث جرى تدمير البيوت فوق رؤوسهم، فضلاً عن قصف وتدمير المقار الإعلامية بشكل مباشر.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن استهداف الصحفيين يندرج ضمن جرائم الحرب وينتهك القانون الدولي وكذلك قراري مجلس الأمن الدولي 2015/2222 و2006/1738 اللذين يدينان الهجمات الدولية على الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في حالات النزاع المسلح.
أكد على أن النمط المنهجي المتمثل في العدد غير المسبوق من الصحفيين المستهدفين، وتزامن ذلك مع التصعيدات العسكرية الكبرى، واستهداف الأصوات الإعلامية الأكثر كشفًا لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بعد تهديدات علنية، كلها مؤشرات دامغة على القصد الخاص لتدمير الجماعة الفلسطينية في جزء منها، وتثبت أن اغتيال الصحفيين ليس فعلاً عرضيًا، بل جزء عضوي من البنية التنفيذية لجريمة الإبادة الجماعية.
وأشار إلى أن استهداف الصحفيين في هذه الظروف، مع العلم الكامل بمهامهم ووضوح هويتهم، يكشف عن نهج منظم لإزالة كل العوائق التي قد تفضح أو توثق الجرائم، تمهيدًا لارتكاب مجازر أوسع في بيئة معزولة عن أنظار العالم، كجزء من سياسة رسمية تتبناها سلطات الاحتلال لإدارة جريمة الإبادة الجماعية في غزة بعيدًا عن الرقابة الدولية أو الإعلامية.
دعا الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق دولي مستقل في جرائم إسرائيل بحق الصحفيين، خاصة بالنظر إلى سجلها في استهدافهم في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبخاصة خلال جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإنهاء واقع الإفلات من العقاب الذي أدى على مدار سنوات إلى زيادة وتيرة استهداف الصحفيين.
التعليقات