مسؤول روسي يكشف أسرار “أمريكا الروسية” ويشارك وثائق نادرة تثير الفضول

متابعات-«الخليج»:
مع اقتراب موعد الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، تصاعدت الأحاديث حول هذه الولاية، وكيف كانت في الماضي جزءًا من الإمبراطورية الروسية قبل أن تُباع،
وقد نشر كيريل ديمتريف، المبعوث الخاص للرئيس بوتين، منشورًا يبرز الروابط التاريخية العميقة بين روسيا وألاسكا، حيث استعرض وثائق وحقائق تاريخية توضح دور روسيا في استيطان المنطقة التي عُرفت سابقًا باسم «أمريكا الروسية».

خريطة تعود لعام 1860

تضمن المنشور خريطة تعود لعام 1860 تُظهر ألاسكا تحت اسم «أمريكا الروسية»، مع تحديد مدينة تشيطكا كعاصمة للإقليم، بالإضافة إلى وثائق رسمية مثل أمر وزارة الخزانة الأمريكية عام 1867 والذي ينص على دفع 7.2 مليون دولار لشراء ألاسكا، وإيصال موقع من المبعوث الروسي إدوارد دي ستوكل، مما يعكس التاريخ المشترك والتبادل الثقافي بين البلدين،
وأكد ديمتريف أن هذه الوثائق تعكس الإرث الثقافي والتاريخي الذي لا يزال حياً في ألاسكا، من خلال المجتمعات الناطقة بالروسية والكنائس الأرثوذكسية المنتشرة في الولاية، واعتبر أن إحياء هذا التاريخ يمكن أن يعزز الفهم والحوار بين روسيا والولايات المتحدة في الوقت الحالي،
يأتي هذا المنشور في ظل استضافة ألاسكا المرتقبة لقمة بين الرئيسين بوتين وترامب، مما يضيف بعدًا ثقافيًا وتاريخيًا مهمًا لهذه الولاية التي لطالما شكلت جسراً بين الشرق والغرب.

النفوذ الروسي لم يتبدد

كانت ألاسكا تحت سيطرة الإمبراطورية الروسية قبل أن تُباع في القرن التاسع عشر للولايات المتحدة، ورغم ذلك لم يتبدد النفوذ الروسي من هذه الولاية الأمريكية الواقعة في الدائرة القطبية الشمالية،
فحين أبحر المستكشف الدنماركي فيتوس بيرينغ، الذي خدم في البحرية الروسية، في المضيق الذي يفصل بين آسيا والقارة الأمريكية عام 1728، كان يقوم برحلة لحساب روسيا القيصرية، ومع اكتشافه للمضيق الذي عُرف لاحقًا بـ«مضيق بيريغ»، وجد منطقة ألاسكا التي كانت تسكنها شعوب أصلية منذ آلاف السنين،
كانت رحلة بيرينغ بداية لقرن من الحملات الروسية لصيد الفقمة، حيث أُقيمت أول مستعمرة في جزيرة كودياك، وفي العام 1799، أنشأ القيصر بافل الأول الشركة الروسية الأمريكية لتنظيم تجارة الفراء، مما أدى إلى مواجهات مع السكان الأصليين، لكن الصيد المفرط تسبب في تراجع حاد في أعداد الفقمة وثعالب البحر، مما أثر سلبًا على اقتصاد المستعمرين، وفي عام 1867، باعت موسكو ألاسكا لواشنطن مقابل 7,2 مليون دولار.

«جنون سيوارد»

أثارت الصفقة انتقادات شديدة في الولايات المتحدة، حيث أُطلق على عملية شراء منطقة تبلغ ضعف مساحة تكساس اسم «جنون سيوارد» تيمناً بوزير الخارجية ويليام سيوارد الذي دبر الصفقة،
وتبقى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي رسخت وجودها في ألاسكا منذ إنشاء الشركة الروسية الأمريكية، من أبرز الشواهد على ماضي الولاية الروسي، حيث تنتشر على سواحل ألاسكا أكثر من 35 كنيسة تاريخية، تعلو بعضها قبب تتبع أنماط هندسة الكنائس الأرثوذكسية، وفقًا لبيانات جمعية تعمل على حمايتها،
وتعتبر أبرشية ألاسكا الأرثوذكسية الأقدم في أمريكا الشمالية، وتضم معهداً لاهوتياً أقيم في جزيرة كودياك، ورغم ذلك استمرت لغة محلية مشتقة من الروسية وممزوجة باللغات الأصلية لعقود في مناطق مختلفة، ولا سيما في محيط مدينة إنكوريج الكبرى، لكنها باتت اليوم على وشك الاندثار،
ومع ذلك، لا تزال الروسية تُدرس في شبه جزيرة كيناي، قرب الأنهار الجليدية الهائلة، حيث تستقبل مدرسة ريفية صغيرة تابعة لمجموعة أرثوذكسية تُعرف باسم «المؤمنين القدامى»، والتي انبثقت من انشقاق حصل في الكنيسة في القرن السابع عشر، واستقرت هناك في الستينيات نحو مئة تلميذ يدرسون باللغة الروسية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *