
في أزقة الحياة القاسية، حيث يُختبر صبر الإنسان أمام آلام المرض وضيق الحال، يظهر «محمد» بوجه أنهكه التعب وقلب مثقل بالمسؤوليات، يحمل آلامه وأحلام أسرته الصغيرة، مناشدًا برغبة لا تخبو في أن تمتد إليه يد الرحمة والرعاية من المسؤولين.
في منطقة القابوطي بحي الضواحي، أحد الأحياء الشعبية في محافظة بورسعيد، يعيش محمد، الشاب الأربعيني، في محل تجاري صغير لا يفي كمسكن آمن لأسرته المكونة من أربعة أفراد، بينهم طفل صغير وسيدة مسنّة، ورغم ذلك، فإن رب الأسرة يعاني من مرض عضال جعله أسير فراشه المتهالك، يستخدم عكازًا لتحركاته داخل المنزل وكرسيًا متحركًا عند الخروج.
من نفس التصنيف: جامعة المنيا تحتفي بالعلماء الفائزين بجوائز الدولة في العلوم التكنولوجية
أطلق المواطن البورسعيدي محمد رمضان السيد، البالغ من العمر 38 عامًا، صرخة استغاثة عبر «بوابة مولانا» على أمل أن تصل إلى المسؤولين، وفي مقدمتهم اللواء محب حبشي، حيث أشار إلى أنه متزوج منذ 15 عامًا ولديه ابن وحيد يبلغ من العمر 13 عامًا.
عمل «محمد» سابقًا في نقل الأثاث ومخلفات البناء بالأجر اليومي، حتى أصيب قبل خمس سنوات بانزلاق غضروفي في سبع فقرات من العمود الفقري، بما في ذلك الفقرات القطنية والعنقية، مما أثر بشكل كبير على قدرته على الحركة وجعل المشي مهمة شاقة بالنسبة له.
مواضيع مشابهة: في تكريم لها، جامعة الأزهر تستعرض رسالة دكتوراه لباحثة بعد رحيلها.
إلى جانب معاناته مع الانزلاق الغضروفي، يعاني محمد من التهاب مزمن في المعدة وتقرحات في القولون، مما يتطلب علاجًا دائمًا، وقد نصحه الأطباء بعدم الحركة وتجنب أي عمل بدني، مما أدى إلى انقطاع مصدر دخله الوحيد، ليواجه تحديًا جديدًا يتمثل في إعالة أسرته دون دخل ثابت أو مأوى مناسب.
يعيش محمد حاليًا مع زوجته وابنه ووالدته المسنّة، التي يعتمد عليها، في غرفة صغيرة غير آدمية بحي القابوطي، بعد أن اضطرت الأسرة لبيع الشقة التي كانت تمتلكها عقب وفاة والده وتوزيع الميراث بين الأشقاء، وهو أصغر إخوته ولا يجد من يعوله أو يقدم له الدعم.
أوضح «محمد» أنه يتلقى علاجه من خلال كارت الخدمات المتكاملة الصادر عن مديرية التضامن الاجتماعي، إلا أن أوضاعه الصحية والمعيشية تتدهور، ويطالب بتوفير معاش ثابت يعينه على الحياة.
ناشد «محمد» اللواء محب حبشي، محافظ بورسعيد، بتوفير وحدة سكنية لائقة تضمن له ولأسرته حياة كريمة وآمنة، مشيرًا إلى حاجته لإجراء عملية جراحية عاجلة، لكنه لا يملك تكاليفها.
أفادت والدته، السيدة المسنّة التي لا تقوى على العمل، أن ابنها محمد أصبح عاجزًا عن إعالة أسرته، واضطر حفيدها، الطفل البالغ من العمر 13 عامًا، إلى ترك الدراسة في الصف الخامس الابتدائي للعام الدراسي الماضي لعجز الأسرة عن دفع المصاريف الدراسية له.
تابعت الأم حديثها بأسى: «كنا نعيش في شقة بحي الزهور، لكن بعد وفاة والده اضطر أبنائي لبيعها لتوزيع الميراث، فوجدت نفسي بلا مأوى، وجلست مع ابني محمد الذي لا يملك سوى قوت يومه.»
أضافت والدة محمد أنه اشترى هذا المحل الصغير في القابوطي ووضع فيه سريرين ليعيشوا في ظروف صعبة، يعتمدون على الصدقات التي تصلهم من حين لآخر، وهي سيدة مسنّة لا تستطيع العمل، كل ما تملكه هو الدعاء له بأن يرزقه الله من يخفف عنه آلامه ويعينه على مسؤوليات الحياة.
قال «أدهم» ابن محمد الوحيد: «خرجت من المدرسة العام الماضي، كنت أدرس في الصف الخامس الابتدائي، حاولت أن أعمل لمساعدة والدي لكنني فشلت لأنني ما زلت صغيرًا وليس لدي أي حرفة أو مهنة أنجح فيها لأوفر دخلًا لأمي وأبي.»
أضاف «أدهم» أنه يتمنى أن يعيش في بيت آمن ويكمل دراسته، ويرى والده بصحة أفضل، فهو يسمعه دائمًا ويتألم ولا يستطيع الحركة، ويبكي في سرّه لأنه يحبه كثيرًا.
قصة «محمد» ليست مجرد حكاية مؤلمة، بل هي نداء إنساني صادق، يأمل أن يجد صدى لدى من بيده القرار، ليمنحه فرصة جديدة للحياة.
التعليقات