
مع تسارع الولايات المتحدة في جهودها لتركيب أول مفاعل نووي أمريكي على سطح القمر بحلول عام 2030، يتوقع أن ينشأ صراع محتمل مع كل من روسيا والصين اللتين تتعاونان أيضاً في مشروع مشابه، وفي نفس التوقيت، ولكن ما قد يزيد من حدة هذا الصراع هو الموقع الحيوي الذي سيقع عليه الاختيار قرب القطب الجنوبي للقمر، حيث تسعى الولايات المتحدة جاهدة لبناء مفاعلها الأول، في ظل رغبة إدارة الرئيس دونالد ترامب لتحقيق هذا الإنجاز، وتشير الخطط إلى إمكانية الانتهاء من البناء بحلول عام 2020، وفي وقت سابق من هذا الشهر، طلب شون دافي، القائم بأعمال مدير وكالة ناسا ووزير النقل الأمريكي، تسريع الجهود لوضع مفاعل نووي على القمر بحلول عام 2030، وكتب في توجيه أن تقنية المفاعل «ستدعم اقتصاد القمر المستقبلي، وتوليد الطاقة العالية على المريخ، وتعزيز الأمن القومي الأمريكي في الفضاء»، ومع هذا التوجيه، أشارت ناسا إلى الضغط المتزايد من الصين وروسيا كعامل إلحاح على المشروع، حيث أكّد البلدان منذ عام 2024 خطتهما لتركيب مفاعل نووي مشترك على سطح القمر بحلول منتصف 2030 أيضاً، وفي ظل الأطر القانونية الراسخة التي تحكم الفضاء، قال دافي إن أول دولة تضع مصدراً للطاقة النووية على القمر «يمكنها إعلان منطقة محظورة»، مضيفاً أن هناك: «جزءاً معيناً من القمر يعلم الجميع أنه الأفضل، نريد الوصول إليه أولاً ونطالب به لأمريكا»
مقال مقترح: «رجل بلا مسؤولية».. صحيفة عبرية تنتقد نتنياهو: «ترك الأسرى في غزة»
القطب الجنوبي للقمر
ذكرت وكالة ناسا أن خطط المفاعل النووي تهدف إلى «تعزيز المنافسة الأمريكية وريادة استكشاف سطح القمر»، وتراقب الوكالة المناطق المحيطة بالقطب الجنوبي للقمر لأغراض علمية واستكشافية، وعند القطب الجنوبي، تحوم الشمس أسفل الأفق أو فوقه بقليل في بعض المناطق، مع جبال شاهقة تُلقي بظلالها الطويلة على السطح، ومن المتوقع أن تحتوي الفوهات العميقة على مياه متجمدة، وهي مادة ثمينة للغاية في الفضاء، وحتى في المناطق المضاءة بأشعة الشمس، فإن الألواح الشمسية ستوفر الطاقة لمدة نصف الشهر فقط، لأن الليل على القمر يستمر لمدة أسبوعين تقريباً، وتؤكد هانلون أن إيجاد مصدر طاقة غير شمسي للمركبات الفضائية، أو حتى وجود بشري دائم على سطح القمر، سيكون «الخطوة التالية الصحيحة» لجهود استكشاف القمر على المدى الطويل، وأضافت: «لا يمكننا شحن غاز البروبان إلى القمر للحصول على الطاقة»
ممكن يعجبك: ترامب يسعى لتفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل لتحقيق الأمن العالمي
المبادرة تحكم
يحكم «النشاط القمري» للولايات المتحدة إلى حد كبير معاهدة الفضاء الخارجي، وهي اتفاقية ملزمة قانونياً وقعتها جميع الدول الكبرى التي تسافر إلى القمر في عام 1967، بالإضافة إلى اتفاقات أرتميس، وهي مجموعة من المبادئ غير الملزمة المصممة لتوجيه استكشاف الفضاء المدني الذي تم إطلاقه في عام 2020، والصين وروسيا ليستا من الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، وتقول ميشيل هانلون، المديرة التنفيذية لمركز قانون الجو والفضاء بجامعة ميسيسيبي، إن بعض بنود معاهدة الفضاء الخارجي خلقت بشكل غير مقصود ميزة المبادرة لوضع مصدر للطاقة على القمر، وأضافت أن المادة التاسعة من المعاهدة تنص على أن الدول يجب أن تقوم بأنشطتها «مع مراعاة الواجب» لأنشطة الآخرين، بينما تحدد المادة 12 ضرورة أن تطلب الدولة الإذن للعمل في منطقة يوجد بها منشأة لدولة أخرى، وأكدت هانلون: «من يصل أولاً يتمتع بحق ضمني أكبر من أي شخص آخر، وهذا يثير تساؤلاً حول معنى الاحترام الواجب تحديداً»
منطقة محظورة
لكن ما يثير الجدل القانوني هو أن المعاهدة والاتفاقيات لا تذكر صراحة إمكانية إقامة «منطقة محظورة»، كما تخطط الولايات المتحدة، بل في الواقع، تحظر المعاهدة على جميع الدول المطالبة بأراضٍ على القمر أو أي أجرام سماوية، وفي المقابل، تُحدد الاتفاقيات «منطقة أمان»، وهي مناطق يُمكن للدول فيها إجراء عمليات فضائية مع ضمان سلامة أفرادها ومعداتها من الدول الأخرى، ومع ذلك، لا يزال حجم ونطاق ومدة مناطق الأمان غير محدد، ويؤكد فرانز فون دير دانك، أستاذ قانون الفضاء في جامعة نبراسكا: «الحكم العملي والقانوني الوحيد هو أنه إذا هبطت على مكان معين، فلن يكون للروس أو أي شخص آخر الحق في الهبوط على مسافة قريبة لمنع أي خطر تشغيلي فعلي»، ويوضح أنه إذا ادعت دولة ما أن مساحة بضعة كيلومترات تعتبر «منطقة أمان» لها، فقد تبدأ دول أخرى بالشك في أنها لا تسعى للأمن، بل تستخدمها «كنوع من النهج المُبطّن للضغط على الجميع»، وأضاف أنه من السابق لأوانه تقييم الحجم المناسب لمنطقة الأمان القمرية، نظراً لقلة المعلومات المتوفرة عن خطط ناسا، وكان الهدف من معاهدة الفضاء الخارجي، وفقاً لإيريكا نيسفولد، عالمة الفيزياء الفلكية، معالجة الأسئلة الأخلاقية والمعضلات المتعلقة بالعيش في الفضاء الخارجي، ومنع سوء الفهم والصراعات والحوادث، وليس السيطرة على مناطق، وعند الحديث عن الجهود الصينية، قال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، إن بكين ملتزمة «بالاستخدام السلمي للفضاء الخارجي»، وأضاف: «لا نية في الانخراط بسباق فضائي، ولا نسعى إلى ما يُسمى بالتفوق في الفضاء الخارجي»
هدف المشروع الأمريكي
رغم قلة التفاصيل المتاحة حول هدف المشروع الأمريكي، فإن طلب تقديم العروض يدعو الشركات التجارية لوضع خطط لبناء مفاعل يمكنه توليد ما لا يقل عن 100 كيلوواط من الطاقة، وقال مسؤول أمريكي: «هذه الكمية من الطاقة تعادل ما يستهلكه منزل بمساحة 2000 قدم مربعة كل ثلاثة أيام ونصف»، وبالتالي ليست تقنية ضخمة في مرحلتها الأولى، ويعبر عالم الفيزياء الفلكية عن مخاوف من أن السباق إلى القمر قد يؤدي إلى صراعات من أجل الوصول إلى الموارد القمرية، وما قد يتبعه من عمليات تعدين على سطح القمر، كما حذروا من أن تسريع هذه العملية قد يؤدي إلى «حوادث تتعلق بالسلامة»، فضلاً عن خطورة النفايات المشعة التي قد تنتج على سطح القمر، وتبقى هناك لمئات السنين
شوف كمان: لافروف يعبّر عن أمله في حضور الشرع القمة الروسية العربية الأولى خلال لقائه بوزير خارجية سوريا
التعليقات