
يتزامن، اليوم الثلاثاء 12 أوت 2025، مع الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الأديب والمفكر الطاهر وطار (1936 – 2010)، الذي يُعتبر أحد أعمدة الأدب الجزائري المعاصر، وقد ترك إرثًا فكريًا وأدبيًا لا يزال يتردد صداه في الساحة الثقافية الجزائرية والعربية.
وُلد وطار في 15 أوت 1936، ورحل في 12 أوت 2010، لكن أعماله لا تزال حية تُقرأ وتُترجم وتُناقش، حيث وصلت إلى أكثر من عشر لغات.
مقال له علاقة: بعد غياب بلماضي.. اكتشف رأي محرز في بيتكوفيتش وماذا ينتظرهما في المستقبل
مرآة للواقع الجزائري
تميز الطاهر وطار بقدرته على التعبير عن هموم الجزائريين بمختلف شرائحهم، وعكست رواياته الكبرى مثل “عرس بغل” (1983)، و”العشق والموت في الزمن الحراشي” (1982)، و”الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي” (1999)، و”الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء” (2005) هذه الهموم بشكل واضح.
كما قدم تفاصيل دقيقة عن التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية في الجزائر، بدءًا من الثورة التحريرية وصولًا إلى مرحلة ما بعد الاستقلال.
متابعو الموقع يشاهدون:
أنتج وطار مجموعات قصصية لا تقل أهمية، منها: “دخان من قلبي” (1961)، “الطعنات” (1971)، و”الشهداء يعودون هذا الأسبوع” (1974)، وقد اتسمت نصوصه بكثافة الرمزية ومتانة اللغة، وتحمل وعيًا عميقًا بالتاريخ والإنسان.
دعوات متجددة للغوص في إرثه
في الذكرى الخامسة عشرة لرحيله، دعا مثقفون وأكاديميون جزائريون إلى ضرورة العودة لأعمال وطار بالدراسة والتمحيص.
وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور مراد لوافي أن أدب وطار لا ينبغي أن يُترك للنسيان، بل يجب أن يُدرّس ويُحلل كما تفعل الأمم الحية مع رموزها الفكرية.
أما الأستاذ قاسم بلحاج، فأكد أن “العم الطاهر” أرّخ لمراحل حاسمة من تاريخ الجزائر الحديث بأدوات فنية وفكرية راقية، ولا يمكن تجاهل بصمته في تشكيل الوعي الثقافي الوطني.
ومن جهته، شدد الدكتور أحمد منور على أن وطار استمر في الكتابة لأكثر من نصف قرن، مما شكل ظاهرة أدبية تحتاج إلى قراءات جديدة في سياقاتها السياسية والثقافية والاجتماعية.
فعل ثقافي واجتماعي
لم يكن الطاهر وطار مجرد كاتب، بل مارس الفعل الثقافي والمؤسساتي بأدوار متنوعة.
فقد أسس جمعية الجاحظية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، والتي شكلت فضاءً للقاء المثقفين من مختلف المشارب، وجعل من الثقافة منصة حوار وتنوير في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد.
مقال مقترح: ميليشيات ليبية تحاصر طرابلس مع قلق متزايد بسبب هزة أرضية
وفي هذا السياق، يرى الدكتور مخلوف بوكروح أن وطار فهم المؤسسة الثقافية بذكاء، ومارس الفعل الإبداعي بكفاءة نادرة، مؤكدًا أن رحيله كان خسارة كبيرة ليس فقط للجزائر، بل للساحة الثقافية المغاربية والعربية بأسرها.
ويجمع العديد من المفكرين والكتاب على أن الطاهر وطار لم يكن فقط روائيًا كبيرًا، بل كان صاحب فكرة وموقف وانحياز دائم لقضايا الناس البسطاء وللغة العربية، وللثقافة الوطنية.
وقد عبّر الدكتور لوافي عن هذا المعنى بالقول: “وطار رجل وُلد بفكرة في غير زمانه”، في إشارة إلى ريادته الفكرية وجرأته السياسية التي لم تكن مألوفة دائمًا في محيطه الثقافي.
التعليقات