ألاسكا تستعيد ذكريات الإمبراطورية الروسية وتثير مشاعر الحنين

موسكو – أ ف ب.

تستعد ألاسكا، الولاية الأمريكية التي ستشهد الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة، لإثارة مشاعر الحنين إلى زمن الإمبراطورية، حيث تثار مطالبات غير جدية بشأن السيادة على أراضيها في روسيا.

تعتبر هذه الأرض التي باعتها روسيا للولايات المتحدة في عام 1867 رمزًا لتاريخ العلاقات المعقدة بين البلدين، اللذين شهدت علاقاتهما توتراً شديداً منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في عام 2022.

من منظور الخبراء، تعيد هذه القمة في ألاسكا إلى الأذهان ذكريات التقارب الذي شهدته العلاقات بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة خلال فترة الحرب الباردة.

وأشار الخبير السياسي الروسي فيودور لوكيانوف عبر منصة «تلغرام» إلى أن القمة تُنظم بشكل كلاسيكي كما كانت في حقبة الانفراج، مضيفاً أن أهميتها الرمزية تكمن في غياب الوسطاء، حيث تتخذ القوى الكبرى قراراتها بنفسها، موضحًا أن الصين ليست قريبة من ألاسكا، وأن أوروبا تبعد كثيراً.

– مركز لتجارة الفراء

لكن ألاسكا ليست مجرد موقع للاجتماع التاريخي، بل تثير أيضاً ذكريات الإمبراطورية القيصرية الروسية، التي تُعتبر السلف التاريخي للاتحاد السوفييتي، حيث تمثل ألاسكا ذروة التوسع الروسي، كما يوضح المحلل البارز في مركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا ألكسندر باونوف.

قال باونوف: «نجحت الإمبراطورية القارية الروسية، للمرة الأولى، في عبور المحيط كما فعلت الإمبراطوريات الأوروبية».

كانت ألاسكا مستعمرة روسية منذ القرن الثامن عشر، وفي نهاية المطاف، باعها القيصر ألكسندر الثاني للولايات المتحدة مقابل 7.2 مليون دولار في عام 1867.

واجه الروس صعوبة كبيرة في استغلال هذه المنطقة النائية اقتصادياً، مما جعل البلاط الإمبراطوري يرحب ببيعها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي كانت تعاني منها البلاد.

لكن بعد ذلك، اعتُبرت الصفقة غير موفقة، حيث تبين أن ما كان يُعتبر مركزاً لتجارة الفراء يحتوي على موارد طبيعية غنية مثل الذهب والنفط.

– «دببتنا»

في السنوات الأخيرة، أصبح سعر بيع ألاسكا الذي اعتبره البعض منخفضاً، وقانونية الصفقة، موضوعاً متكرراً للنقاشات في روسيا.

وفي يوليو/تموز 2022، خلال فترة من الحماسة الوطنية، ومع تصاعد التوترات بين موسكو وواشنطن بعد الهجوم على أوكرانيا، عادت قضية ألاسكا إلى الواجهة.

تحدث رئيس مجلس الدوما، الغرفة الأدنى في البرلمان الروسي فياتشيسلاف فولودين، عن «أراضٍ يتعين إعادتها»، معتبراً ألاسكا «أرضاً متنازعاً عليها»، رغم أن السلطات الروسية لا تبدو مهتمة باستعادتها.

وفي عام 2014، رد فلاديمير بوتين على سؤال أحد المتقاعدين حول إمكانية استعادة ألاسكا بالقول: «عزيزي، لماذا تحتاج إلى ألاسكا؟»، مضيفاً أن المنطقة «باردة جداً».

ومع ذلك، لا تزال فكرة استعادة ألاسكا مصدرًا دائمًا للتعليقات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية.

ومن أشهر التعليقات أن «أرواحنا» عانت بسبب فقدان ألاسكا، لأنها «موطن دببتنا»، بل إن استعادة ألاسكا ذُكرت في أغنية شهيرة من تسعينات القرن الماضي لفرقة الروك «ليوبي» التي يحبها بوتين، حيث جاء في كلماتها: «كفى عبثاً يا أمريكا… وأعيدي لنا أراضي ألاسكا».

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *