شركة ناشئة تسعى لتحويل قطارات أمريكا للعمل بالبطاريات بدلاً من الديزل لتحقيق مستقبل أكثر استدامة

تسعى دافنا لانغر – Daphna Langer، رائدة الأعمال الأمريكية، لتحقيق طموح جريء يتمثل في إزالة الكربون من قطاع السكك الحديدية خلال أقل من عقد من الزمن.

وتهدف لانغر إلى تحقيق حلمها من خلال إقناع شركات السكك الحديدية الأمريكية بالتحول من استخدام طاقة الديزل إلى البطاريات القابلة لإعادة الشحن، حيث تقدر أن هذا النموذج التجاري قد يحقق لشركتها “فولتيفاي” إيرادات تصل إلى 10 مليارات دولار سنويًا، بحسب ما ذكرته شبكة سي إن بي سي، حيث يحتاج قطاع السكك الحديدية إلى خفض انبعاثاته بنسبة 5% سنويًا بحلول عام 2030 لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية، وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2023.

94 مليار دولار وفر

علاوة على ذلك، تشير دراسة أجريت عام 2021 ونُشرت في مجلة “نيتشر إنرجي” إلى أن التحول إلى استخدام الكهرباء من البطاريات يمكن أن يوفر لشركات الشحن بالسكك الحديدية الأمريكية حوالي 94 مليار دولار على مدى 20 عامًا.

تقوم شركة “فولتيفاي” بتصنيع عربات قطار تعمل بشكل أساسي كبطاريات أيونات الصوديوم على عجلات، مصممة لتتوافق مع قاطرات الشحن الحالية، ورغم أن إقناع قطاع السكك الحديدية الأمريكي، الذي تقدر قيمته بـ 80 مليار دولار، بالتحول من الوقود الأحفوري التقليدي إلى الطاقة المتجددة قد يبدو تحديًا كبيرًا، إلا أن لانغر تعبر عن ثقتها في تحقيق هدف شركتها.

بعد فترة من تقديم المشورة للعديد من الشركات الناشئة في مجال المناخ، لاحظت لانغر وجود عقبتين تحدان من نموها، حيث قالت: “معظمها يعتمد على الدعم الحكومي، بالإضافة إلى الاعتماد على التصنيع والتوسع، وهو ما يفتقر إليه السوق اليوم”

في محاولة لتجاوز هذه التحديات، عقدت لانغر اجتماعات مع مئات المهنيين في مجالي الطاقة والمواد بحثًا عن فرص جديدة، وقد وصفت لقائها الأول بشريكها المؤسس ألون كيسيل بأنه كان لحظة مميزة.

محاولة توصيل فكرة ثورية

يُعتبر كيسيل خبيرًا في سوق الطاقة المتجددة، حيث شارك في تأسيس شركة دورال، التي تمتلك وتدير العديد من مزارع الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد قدر أن أكبر 6 شركات سكك حديدية لنقل البضائع في الولايات المتحدة، مثل يونيون باسيفيك وسي إس إكس، تنفق مجتمعة أكثر من 11 مليار دولار سنويًا على الديزل، وهو ما أكدته قناة سي إن بي سي، حيث أنفقت يونيون باسيفيك حوالي 2.5 مليار دولار على الوقود في عام 2024، وفقًا لتقريرها السنوي.

رأى كل من لانغر وكيسيل فرصة كبيرة، حيث تساءلا: ماذا لو استطاعا إقناع الشركات الكبرى، المعروفة باسم سكك حديد الفئة الأولى، بتحويل قاطراتها من الديزل إلى الطاقة الكهربائية؟، وذكرت لانغر: “تحويل ست شركات ليس بالأمر الصعب، والقدرة على إحداث هذا التأثير مع ست شركات فقط ستشكل تحولًا كبيرًا”

يبلغ طول مسارات سكك حديد نقل البضائع في الولايات المتحدة حوالي 140 ألف ميل، حيث تعمل معظم القاطرات بالديزل نظرًا لقلة الاعتماد على الكهرباء، وأسست لانغر وكيسيل شركة “فولتيفاي” في عام 2023، وبدأا في لقاء شركات السكك الحديدية لعرض فكرتهما، لكنهما واجها مقاومة في البداية.

أوضحت لانغر: “هناك الكثير من الشكوك، لأن هذه صناعة تقليدية، ومدة التشغيل والموثوقية هما الأساس”، وأضفت: “لقد كنا نبحث عن ما يمكن أن يتناسب مع جدول أعمالهم، وينسجم مع عملياتهم دون التأثير على كفاءتهم”

كان أكبر مخاوف الشركات هو الوقت اللازم لشحن البطاريات، بالإضافة إلى ضرورة وجود مصدر طاقة دائم، حيث قالت لانغر: “أخبرتنا شركات السكك الحديدية، التي كانت صريحة للغاية بشأن هذا الأمر، ‘نحن لا نهتم حقًا بمصدر الطاقة، كل ما نحتاجه هو التأكد من أنه متاح دائمًا، وأن هناك طاقة كافية لتحريك القطارات'”

لذلك، قضت شركة فولتيفاي حوالي عام في تطوير خوارزمية قادرة على التنبؤ باحتياجات القطارات من الطاقة “في جميع المسارات”، وفقًا لما ذكرته لانغر، كما تعمل الشركة على إنشاء أول شبكة طاقة صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تأمل أن تنتهي منها بحلول نهاية العام.

صرحت لانغر لشبكة CNBC قائلة: “تشير حساباتنا إلى أن شبكة من هذه الشبكات الصغيرة يمكن أن توفر الطاقة لجميع القطارات في أمريكا الشمالية”، وتقدّر فولتيفاي أن تحقيق هذا الهدف يتطلب بناء 1400 شبكة صغيرة

محادثات مستمرة

أفادت لانغر أن شركة فولتيفاي تجري محادثات نشطة مع ثلاث من أكبر شركات السكك الحديدية في أمريكا الشمالية، مُضيفة أنها تستعد لإطلاق مشروع تجريبي مع شركة سكك حديدية أصغر في وقت لاحق من هذا العام، كما تخطط فولتيفاي لإطلاق مشروع تجريبي مع شركة سكك حديدية من الفئة الأولى في أوائل عام 2026، حيث توقعت أن يصبح هذا المشروع تجاريًا بعد عدة أشهر.

فولتيفاي ليست الشركة الوحيدة التي تسعى لتقديم فكرة تشغيل قطارات الشحن بالبطاريات، ففي عام 2019، طورت شركة Wabtec قاطرة كهربائية تعمل بالبطاريات تُسمى FLXdrive، ومن المقرر تشغيل أول قطاراتها في أستراليا بعد طلبها من شركة BHP Group للتعدين، كما اختبرت الشركة قاطرتها الكهربائية مع شركة GE، وأعلنت أنها تخطط لاختبار وتشغيل قطارات FLXdrive في أسواق أمريكا الشمالية والجنوبية.

يمكن لهذه التقنية خفض استهلاك الديزل والانبعاثات بنسبة تصل إلى 30%، وفقًا لتيم بادر، مدير الاتصالات الخارجية والهندسية في شركة Wabtec، الذي أشار إلى أن “هذه الميزة بالغة الأهمية، لأن الوقود يُعد أحد أهم تكاليف التشغيل في السكك الحديدية”.

ومع ظهور هذه التقنية، تظهر تحديات مثل وقت الشحن وسعة البطارية، بالإضافة إلى دراسة جدوى صعبة بالنظر إلى الاستثمارات المطلوبة في البنية التحتية، وأكد بادر: “كما هو الحال مع أي تقنية ناشئة، ستتضاءل هذه التحديات مع استمرار القطاع في البحث عن حلول طاقة البطاريات وتحسينها”

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *